أسوأ أنواع المعرفة، أن يعرف خصمك قيمتك أكثر من معرفتك لقيمة نفسك. حقيقة مؤلمة مثل هذه المعرفة. وهذا يقودني إلى طرح جملة من الأسئلة على لاعبي الهلال تحديدًا، ومسيري النادي (الزعيم) لعلهم يستفيقوا من سباتهم قبل فوات الأوان: لماذا احتفل لاعبو الاتحاد بالفوز على الهلال؟ ولماذا استقبل جمهور العميد لاعبيه عند عودتهم إلى جدة استقبال الأبطال في المطار؟ لماذا سارع شرفيو الاتحاد، ومن قبلهم إدارات وشرفيي الأندية الأخرى على رصد المكافآت الضخمة، أو مضاعفتها لمجرد تجاوز الهلال في مباراة دورية؟ لماذا يسارع مسؤولو الأندية إلى صرف مستحقات لاعبيهم، ومرتباتهم قبيل مواجهة الهلال؟ لماذا قال نائب رئيس الاتفاق إنهم في النادي الشرقاوي سيصنعون تمثالاً للمدرب التونسي جميل قاسم لو حقق الفوز على الهلال؟ لماذا يتحالف مشجعو النصر والاتحاد والهلال من أجل التصويت للنجم فهد المولد في سباق الأفضلية للجولات الست من الدوري نكاية بنجم الهلال نواف العابد؟ لماذا يحتفل جمهور «المسيار» بذكرى خسارة الهلال للقب الآسيوي على الرغم من خسارة الاتحاد والأهلي للقبين في نهائيين سابقين، وعلى الرغم من أن المحتفلين لا ناقة لهم ولا جمل في تلك المواجهة؛ فالمنافس للهلال إسترالي، وطار باللقب بمساعدة التحكيم «على عينك يا تاجر»؟ كثيرة هي الأسئلة، ولكن اكتفيت في الحالات الحديثة للتحالف، والفرح العارم الذي احتشد، وطغى على المشهد مؤخرًا طلباً لخسارة لاعب هلالي، أو لخسارة الهلال. إن هؤلاء المحتفلين عرفوا قيمة وعظمة الهلال أكثر من أبنائه، ورجاله، وبعض جماهيره المطبلين لإداري، أو اللاهثين خلف فلاشات لاعب شارف على الاعتزال، أو طلباً لرضا نجم وقف عطاؤه ولم يعد لديه جديدًا يقدّمه، وهم قلة - ولله الحمد- ويعرفون بمصطلح ب»شبيحة النجم»، وهي تسمية قرأتها وسمعتها من شباب مدوّنة «تويتر» قبل أيام. إن خصوم الهلال عرفوا قيمة، وقوة، وسطوة الهلال.. فحشدوا التحالفات، وعدوا العدة لمحاربته في الملعب، وخارجه.. بينما الهلاليون « اللاعبون والإداريون» ما زالوا يجترون الماضي وذكرياته الجميلة، ويسيرون بذات النهج الإداري الخاطئ الذي أبعدهم عن لقب الدوري لخمسة مواسم قابلة للزيادة، وجعلهم يتعثرون آسيوياً نسخة وراء نسخة. لاعبون لا يعرفون من الهلال إلا قميصه، ومرتبهم آخر الشهر، و»التميلح» في السناب والإنستغرام وتويتر.. بلا أدنى احترام لتاريخ النادي، أو حاضره الذي نقلهم إلى حياة مخملية باذخة، أو حتى تقدير لجمهوره الذي يحترق في المدرج. وإداريون يجترون ذات الأخطاء، وكأنهم يديرون النادي الأكبر والأكثر إنجازات وشعبية في السعودية على طريقة أملاكهم الخاصة بكل إقصائية فاضحة، واختيارات هشة لإداريين لا صوت ولا صورة لهم في المشهد إلا بهز الرؤوس على الموافقة، والبصم على القرارات التي تصدر من دائرة المركزية، وسط تفش للمجاملات في توقيع عقود اللاعبين المحليين، أو التمديد لهم، وتخبط في الاختيارات الفنية للمدربين واللاعبين في مثال صارخ على الهدر المالي دون حسيب ورقيب، وإصرار من باب العناد على وجود إداريين لا تاريخ كروي أو تخصص لهم في الإدارة أو مقوماتها يسندهم. يتمتع الهلال بوفرة نجوم هم الأفضل، والأمهر لكن يغيبون في أوقات الحسم، فهل بحث الإداري الذي يعرف قيمة الهلال عن لب المشكلة؟ لماذا خصوم الهلال يعرفون قيمته أكثر من أبنائه؟ إن معرفة الهلال الحقة من الهلاليين الإداريين واللاعبين نقرأها بوضوح في الملعب ونتائج مبارياته، فكرة القدم ليست علم ذرة يصعب فهمه، وتطبيق معادلاته. المعادلة واضحة كما قالها «وجه السعد» الفقيد عبدالله بن سعد أفضل من رأس الهلال، وتعامل مع جمهوره، ذات مساء: «اجتهاد + إخلاص + تعاون + تعاضد + صدق + عمل = بطولات».. خلاصة القول.. ابتعاد الهلال عن لقب الدوري، والتعثّر في آسيا من جديد يعني أن قاعدة الهلال الجماهيرية، وشعبيته باتت في خطر.. والجيل الحالي من اللاعبين والإداريين وبعض المحسوبين عليهم من الجماهير والإعلاميين هم من يتحمّلون المسؤولية كاملة، والقاعدة تقول: يضعك الناس حيث تضع نفسك. فاصلة لماذا يضطر النجم عبدالله الزوري إلى التوضيح عبر حسابه الشخصي في «سناب شات» للجماهير حقيقة إصابته بالصوت والصورة.. أليس من باب أولى أن يتولى المركز الإعلامي هذه المهمة بالتنسيق مع الجهازين الإداري والطبي وإدارة الاحتراف ووكيل أعمال اللاعب، طالما أن الموضوع شكّل أهمية كبيرة إلى حد يتطلب معه توضيح اللاعب نفسه للإصابة.. الاحترافية في العمل ليست شعارات بقدر ما هي تطبيق عملي تترجمه المواقف والأفعال. أخيرًا ،،،