أخيراً حقق الجنرال ميشال عون حلمه بالعودة إلى قصر بعبدا، رئيساً منتخباً للبنان، بعد أن قضى فيه عامين رئيساً لحكومة عسكرية، أجبر بعدها على الخروج من القصر واللجوء إلى السفارة الفرنسية، ويذهب إلى باريس ليقضي خمسة عشر عاماً، عاد بعدها بعد خروج القوات السورية التي أجبرته على الفرار من بلده، ومثلما أدت شهادة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلى إخراج القوات السورية، أدى ترشيح نجله سعد الدين الحريري للجنرال عون ودعم انتخابه بالطلب من أكبر كتلة انتخابية «كتلة المستقبل» إلى تسهيل عملية انتخاب الجنرال عون، وبهذا تكون عائلة الحريري صاحبة الفضل في عودة عون إلى لبنان أولاً وإلى إعادته إلى قصر بعبدا وتحقيق الحلم الذي بذل عون كل شيء من أجل تحقيقه، وظل يتقلب بين أحضان من كان عدواً لهم لينال ما أراده وإن بلغ 81 عاماً. الجنرال ميشال عون له صفات عديدة، من أهمها قدرته على تغير مواقفه ومواقعه وإن اعتبرها أنصاره ببرغماتية واقعية، إلا أنها لا تعطي مصداقية قوية للرئيس الجديد الذي وإن عُدَّ حليفاً لما يسمى بحزب الله، وبالتالي حليفاً بالوكالة لملالي إيران، وأنه وإن لم يكن حليفاً موثوقاً به لنظام بشار الأسد إلا أن زياراته الثلاث لدمشق واستقبال بشار الأسد له أنهى سنوات العداء وأذاب قهر سنوات الإبعاد التي تسبب بها جيش الأسد عندما أجبر الجنرال على البقاء خمسة عشرة عاماً في الغربة. ولأن الجنرال يعرف بأنه ما كان له أن يحقق حلمه بالعودة إلى قصر بعبدا دون مساعدة سعد الدين الحريري فإن المنتظر منه أن يرد جميل الحريري ويكلفه برئاسة الحكومة اللبنانية، ومع أن عملية اختيار رئيس الحكومة يعود لترشيحات الكتل النيابية والشخصيات السياسية ومعظمها تميل إلى تكليف سعد الدين الحريري، إلا أنه ومن مصلحة الجنرال عون أن يساند ترشيح الحريري حتى يضمن نجاح عهده في تحقيق الوفاق بين اللبنانيين ويخرج لبنان من دائرة الاختطاف بقوة السلاح من خلال بندقية مليشيات ملالي إيران الذين يسمون أنفسهم زوراً ب»حزب الله» وما هم إلا أعداء الله، وعلى عون أن يثبت سعيه إلى تحقيق الاستقلال الحقيقي للبنان وتأكيد سيادته، بأن يعيد للبنان تلك السيادة المختطفة، ويرمم الاستقلال الذي شرخه حزب الملا حسن نصر الله. عون انتخب رئيساً للبنان بأصوات أكثرية نواب الشعب اللبناني، وتأكد له ولجميع اللبنانيين أن توافق جميع الكتل اللبنانية سواء من يمثلون المسلمين من السنة أو الشيعة أو المسيحين والأقليات هم من رجحوا كفته، ولا يمكن إنقاص أو تهميش أي فئة أو مكون ديني أو طائفي، ولهذا فإن الوهم الذي فرضته بندقية حسن نصر الله سقط في مجلس النواب، وهو ما سيكون حاضرا لميشال عون ليبني عليه، ولهدم جدار الوهم الذي كرسه ملالي إيران من خلال عملائهم، وهو ما ينتظر من عون أن يبقى عون المقاوم والمناضل لعودة لبنان إلى سيادته واستقلاله، كما قال في خطاب القسم.