أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح توافق رؤى دول مجلس التعاون الخليجي على أن دورة الهبوط الحالية لأسعار النفط تشرف على الانتهاء، وأن أساسيات السوق البترولية الدولية من ناحية العرض والطلب بدأت تتسحن بشكل ملحوظ، وهو ما انعكس في الانخفاضات المتتالية خلال الأسابيع الماضية في الاحتياطيات الأمريكية، وهذا طبعا مؤشر يعكس أساسيات السوق على المستوى العالمي. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه القطري محمد السادة والروسي الكسندر نوفاك على هامس اجتماع وزراء النفط والطاقة في دول مجلس التعاون أمس بالرياض، حيث قال الفالح: إن خادم الحرمين الشريفين يتطلع لنجاحنا في تعزيز مسيرة مجلس التعاون بعد أن أطلق رؤية متكاملة تشتمل على تعزيز العمل الخليجي وتنص على أننا نعد اندماجنا في محيطنا الخليجي ودفع العمل الخليجي المشترك على كل المستويات من أهم أولوياتنا. كما تهدف رؤيته السامية - حفظه الله - إلى تعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون ودوره في القضايا الإقليمية والدولية وإنجاز الشراكات الإستراتيجية والاقتصادية التي تعود بالنفع على مواطني دول المجلس وعلى المنطقة. كما أكد أن أهمية الاجتماع تنبع لكونه ينعقد في مرحلة مهمة في السوق البترولية ما زلنا نعاني من تذبذباتها وما ينتج عنها من ضغوط على ميزانيات دول المجلس كافة وعلى استقرار الإنفاق على الخطط التنموية الطموحة في بلداننا كما أننا قلقون من أن الانخفاض الحاد في أسعار البترول قد أدى إلى خفض الاستثمارات البترولية في كثير من الدول بما قد يؤدي بالعالم لمواجهة أزمات معاكسة تتمثّل في نقص المعروض مستقبلاً وما سيتبعه ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد العالمي. وأعرب وزير الطاقة عن تفاؤله بالاتجاه المستقبلي للأسواق البترولية وأنها ستشهد تحسنا مستمرا خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى تطابق سياسات دول مجلس التعاون تماما بضرورة اتخاذ إجراءات لإعادة التوازن لأسعار النفط. كذلك لفت إلى أنه رغم تأثر دول الخليج بالمجمل صعودا وهبوطا بأسواق البترول الدولية وقد تأثرت بالدورة الحالية لانخفاض الأسعار، إلا أنها تظل الأقوى على المستوى العالمي من ناحية متانة اقتصاداتها وقدرات احتياطياتها المالية في تحمل الدورات الاقتصادية لسلعة النفط وتذبذب أسعارها، مبينا أن دول المجلس كان لها دور مؤثر وفاعل في اجتماع «أوبك» بالجزائر الذي اتخذ فيه قرار السعي لخفض سقف الإنتاج عند مستوى 33 مليون برميل خلال الفترة المقبلة بعد نهاية شهر نوفمبر، كما تعمل بشكل جماعي في تنسيق واتخاذ مواقف مشتركة يحقق مصالحها وبما يسهم ايجابيا في الاقتصاد العالمي. وتابع: جميع الآراء سواء لدول «أوبك» بقيادة دول الخليج أو الدول المنتجة من خارج المنظمة بقيادة روسيا أو الدول المستهلكة تتفق على أن انتعاش السوق البترولية وعودة العافية لها جيد، ولكن يجب التعجيل في هذا الانعاش وإعادة الثقة اليها. وحول العلاقات السعودية الروسية، أكد الفالح أنها قوية وهناك تقارب كبير بين البلدين وبدأت تتحسن بشكل ملحوظ في التعاون الاقتصادي وبخاصة في مجال الطاقة والبترول، مشيرا إلى توقيع مذكرة بين الجانبين على هامش قمة العشرين في الصين للتعاون في المجال التقني والفني في هذا المجال. وقال «إن وجهات النظر بين المملكة وروسيا بشأن الحاجة إلى تحقيق الاستقرار بالسوق تقترب في ظل المباحثات المكثفة الماضية بين الطرفين، وأن المملكة بدأت تلعب دورا مهما للتنسيق بين روسيا والدول المتأثرة بسياستها في منظمة أوبك وبالذات دول مجلس التعاون». وفيما يتعلق بالاجتماع المشترك لوزراء النفط والطاقة في دول المجلس مع وزير الطاقة الروسي، أوضح الفالح أن الاجتماع كان مثمرا وتم خلالها تبادل وجهات النظر وبلورة تصور مشترك للاجتماع المرتقب لدول «أوبك» والدول الخارج المنظمة نهاية نوفمبر القادم. وقال: باعتبار روسيا من أكبر الدول إنتاجاً وتصديراً للبترول وهي أحد الاطراف المؤثرة في توازن السوق البترولية تأتي زيارة وزير البترول الروسي للمملكة مواتية لتعطينا الفرصة لاستعراض تطورات السوق وسيناريوهات العمل لإعادة الاستقرار للأسواق البترولية من خلال التعاون بين دول الأوبك والدول خارجها وعلى رأسها روسيا، ولذا فقد دعوت الكساندر نوفاك للاجتماع، وأبدى ترحيبه بذلك كدليل واضح على الرغبة الصادقة في استمرار التعاون والتنسيق بين الدول المنتجة والمصدرة للبترول سعياً من أجل إلى مزيد من استقرار السوق. وأوضح الفالح أن عملنا المشترك يتجاوز اهتمامنا بمتغيرات السوق على المدى القصير والمتوسط ويركز على مواجهة التحديات والتغيرات الكبرى التي تواجهها على المدى البعيد في مجال الطاقة والمناخ والتجارة الدولية ولذا فعملنا المشترك يتطلب أن نتعامل مع هذه الموضوعات بشكل شمولي يأخذ في الاعتبار التأثيرات على المدى البعيد واقتناص الفرص المتاحة والاستفادة القصوى، كذلك من قدراتنا للتفاوض ككتلة اقتصادية مؤثرة حيث إننا في هذا الصدد لا نتعامل مع الدول فقط بل مع التكتلات الاقتصادية الكبرى وفي مضمار الطاقة لم تأل دولنا من أن تكون مصدراً موثوقاً لإمدادات البترول والغاز والاستثمارات فيهما بالرغم من بعض التوجهات العالمية المنحازة ضد هذه المصادر الموثوقة في الطاقة لحساب التوسع في مصادر الطاقة البديلة وغير التقليدية وذلك لإنعاش الصناعات ذات العلاقة في هذه الدول الأمر الذي سيؤثر سلباً على التجارة العالمية في قطاعي البترول والغاز ومنتجاتها.من جانبه قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك: إن العلاقات مع المملكة تتخذ خطوات جديدة للتعاون وإقامة مشاريع مشتركة في الطاقة والغاز، إضافة إلى التنسيق مع دول الخليج بخصوص الاجتماع المزمع في 30 نوفمبر. وأكد تأييد بلاده للإجراءات التي يتم اتخاذها لإعادة توازن السوق البترولية الدولية، لافتا إلى أن الوضع الحالي للسوق في تحسن لكنه بوتيرة بطيئة تتطلب التعجيل بإجراءات لإنعاش أسعار النفط، ومشددا على ضرورة استقرار السوق البترولية لدعم الاستثمارات النفطية.وقال الوزير الروسي: إن مستوى إنتاج بلاده في أي اتفاق لزيادة أسعار النفط سيعتمد على الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء في «أوبك» في وقت سابق وإن مناقشات موسكو مع المنظمة ما زالت جارية. وتابع: أود أن أؤكد مجددا على أننا غير مستعدين لإعطاء أرقام لأن المشاورات مستمرة والمستويات ستتحدد على أساس اتفاق «أوبك» النهائي ونتائج مفاوضاتنا مع المنظمة». وردا على سؤال حول ما إذا كانت بلاده ستثبت إنتاجها عند المستويات الحالية أو ستخفضها، قال نوفاك «نتفقد عددا من الخيارات، لا أريد أن أعطي القرار النهائي بعد لكننا ندرس بضع خيارات في الوقت الراهن». وعدّ نوفاك الأزمة التي عاشتها أسواق النفط وعدم استقرارها، هاجساً مزعجاً للعالم بأسره، لأنها تنبئ بأزمات أكبر إذا ما استمرت بذلك الوضع، بل إن لها تبعات طالت الاستثمارات في مجالات الطاقة وابترول والصناعة النفطية، إضافة إلى أنها بدأت تهدد الاحياطيات البترولية لدى الدول المصدرة للنفط، مؤكداً أن هذا المصير الاقتصادي المظلم يحتم علينا التعاون والاتفاق على تقديم حلول ناجعة وعاجلة، وأن تضعها الدول المعنية في مطلع أولوياتها واهتماماتها. وبدوره، قال وزير الطاقة القطري محمد السادة إن اجتماع لجنة التعاون البترولي الخليجية حقق تفاهمات على قدر كبير في قضايا النفط والطاقة خاصة وأن دول المجلس تتحمل مسؤولية تجاه الاستهلاك العالمي والإمدادات بالنفط والغاز. وأكد أن دول الخليج تراعي مصالح الدول المستهلكة والدول المنتجة، مشيرا إلى أن الاجتماع المشترك مع الوزير الروسي اتفق على الحاجة بضرورة تضافر الجهود لإجراءات تعيد التوازن للسوق البترولية الدولية في أقرب فرصة ممكنة. وأشار السادة إلى أن منظمة أوبك تسعى إلى وضع خارطة طريق لتحقيق تفاهمات بين الدول الأعضاء في المنظمة والدول خارجها لاتخاذ خطوات جادة نحو إيجاد الحلول والإجراءات المعنية بتسريع إعادة توازن أسواق النفط وتعافيها، مؤكدا تقارب الرؤى بين هذه الأطراف، وكذلك بين دول الخليج وروسيا بالحاجة لإجراءات لتعجيل انتعاش السوق البترولية الدولية. من جانبه، قال أمين عام مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني: إن ما تنعم به الدول الأعضاء من موارد بترولية وفيرة أسهمت في نهضتها وعززت من مكانتها العالمية، وفرض عليها مسؤوليات وأعباء تجاه المحافظة على استقرار أسواق البترول العالمية والإسهام في دعم نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره من خلال ضمان أمن الإمدادات البترولية واستمراريتها في الظروف العادية والاستثنائية التي قد تتعرض لها الأسواق الخليجية نتيجة العديد من العوامل السياسية والاقتصادية. وأكّد الزياني على الجهود الكبيرة التي تبذلها دول المجلس لتعزيز علاقاتها في مجال الطاقة مع الدول المنتجة الأخرى والدول المستهلكة بهدف الوصول بشكل جماعي إلى التكامل العالمي المنشود لضمان نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره وتحقيق التنمية المستدامة لكافة دول العالم.