ما أحوجنا اليوم لمسطرة اجتماعية (توافقية) لقياس مستوى العقوق، وتحديد الحالات التي يمكن أن تتحول إلى (عنف) ضد كبار السن؟ خصوصاً ونحن في شهر أكتوبر (شهر المسنين). مقابلة العطاء من الوالدين بالجحود والنكران، القسوة في التعامل معهما أو أحدهما، الدفع أثناء النقاش أو الرعاية، وضعهما في مكان غير ملائم، محاولة استغلال أموالهما أو تقاعدهما، حرمانهما من زيارة الآخرين أو الخروج للمجتمع، رفع الصوت عليهما، الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي عند الجلوس معهما، إزعاجهما بصخب الحياة وإيقاعها السريع، عدم تأمين وسائل راحة تناسب ظروفهما عند قضاء الحاجة أو النظافة الشخصية، استغلال ضعفهما العقلي، والتهديد، كلها وغيرها صور كثيرة برأيي أنها عقوق واضح، يرقى إلى مستوى العنف الذي يجب الإبلاغ عنه، لمُعاقبة مُرتكبه، حتى لو كان أحد الأولاد؟!. هذه المسألة حساسة أسرياً، ومُحرجة اجتماعياً، ولكن السكوت عن مثل هذه الاعتداءات هو جريمة بحق الإنسانية والكرامة لكبار السن، التي كفلها لهم الدين والنظام والعادات والتقاليد، بل إن الأنظمة الغربية تتسابق اليوم لتشجيع (رعاية) المسنين، بحزمة من الميزات في الوظيفة، والتخفيضات في وسائل النقل والأسواق، وزيادة في القروض البنكية، وخصومات أخرى بمجرد إبراز بطاقة تثبت أنك تقوم برعاية (مُسن)، مع وجود آليات ضبط ومُراقبة لتلك العلاقة مع المسنين؟ عبر حزمة من القوانين والتشريعات، وكلها خطوات نحن أحق بها من غيرنا (كمجتمع مسلم وعربي) عنوانه التماسك والرحمة؟!. مؤخراً عقد برنامج الأمان الأسري الوطني لقاء الخبراء، وخصصه للوقاية من (العنف ضد المسنين تحت شعار إحسان)، وبرأيي أنها خطوة جيدة من الدكتورة مها المنيف هذه المرأة التي نفتخر بشجاعتها في الوقوف في وجه العنف الأسري مُنذ سنوات طويلة، عبر إدارتها لهذا البرنامج الوطني الرائد والفريد على مستوى العالم، وما تحتاجه مثل هذه الخطوات المحلية اليوم هو ذراع تشريعي (لسن القوانين)، وتنفيذي لمواجهة العنف وإيذاء (كبار السن) تحديداً داخل الأسرة، أو مراكز الرعاية، بهدف القضاء على هذه المُمارسات، أكثر من حاجتنا إلى مُساندة المُمارسين، وبناء شراكات تعزيزية لرفع مستوى الخدمة المقدمة، وهي نقاط يمكن مراقبتها وتطويرها بسهولة. رفع مستوى رعاية كبار السن لن يتم مالم يرافقه (عقاب) للعاقين قبل المُمارسين؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.