حصيلة مميزة من النقاط جمعها الأخضر في لقاءاته الثلاثة.. بددت شيئاً مما كان يعانيه المشجع من إحباط.. وتسللت لدواخل المتابع قطرات التفاؤل كندى الصباح.. لترسم لنا فرحاً منتظراً كأني أرى بدره وقد لاح.. فانتظار التأهل لكأس العالم بعد غياب لأعوام جعلنا نتمسك بخيط ولو كان رفيعاً من الحياة.. لعل كرتنا تعود للنبض مجدداً هناك في روسيا. لكن ما يبعث على القلق ويوجب الحذر هو أن أربعة فرق تتقارب بالمستوى وتتحاذى مناكبها بالنقاط.. فإن كنّا نشارك استراليا الصدارة بنقاطنا السبع.. فإنَّ اليابان والإمارات لا يبعدهما أكثر من مسافة نقطة عنّا.. لذا فالحديث عن تقدم مميز قد يتبدد في لحظة سقوط واحدة فقط - لا قدر الله - لأن وقتها سنتدحرج من علو ويأخذ مكاننا غيرنا.. ووقتئذ لن يكون لما قدم سابقاً أي أثر.. وستتحول عبارات الثناء إلى عبرات الرثاء.. فالحذر الحذر من يوم الثلاثاء. لذا أتمنى أن يخرج مسيرو الأخضر ولاعبوه وحتى المدرج من لحظة النشوة التي سيطرت بعد الأداء الجميل والنتيجة المقنعة أمام الكانغارو.. لأن منافس الثلاثاء خطير ويملك من المقومات الفنية الشيء الكثير.. فالأشقاء رفاق عموري ومبخوت والحمادي يقدمون عطاءً مذهلاً في المجموعة.. واستطاعوا قهر العملاق الياباني هناك في طوكيو.. ولن يعجزهم - إن لم نحتط - أن يتغلبوا على ابن منطقتهم.. فهم على دراية بأدق تفاصيل منتخبنا كما نحن ندرك ما لديهم من شاردة وواردة.. فضلاً عن أن الديربيات الخليجية عادةً تجعل الفوز لفريق معين صعب المنال حتى لو كانت المستويات متباينة.. فكيف بنا والوضع جد متقارب.. وما يقدم من أخضرنا وأبيضهم في الجولات الثلاث الأولى السابقة يجعل التكهن بنتيجة معينة أشبه بقراءة الفنجان. والأمل أن يتلافي مارفيك الهولندي الأخطاء التي سقط بها اللاعبون في لقاء الخميس المنصرم.. وأن ينبه اللاعبين لما يجب عليهم من عمل.. خصوصاً كمية الكرات المقطوعة من مركز المحور وأعني تحديداً عبد الملك الخيبري بالإضافة للحارس المسيليم.. والتي دفع ثمنها الأخضر باهظاً بخسارة نقاط كان يمكن أن تذهب بنّا في التقدم بعيداً.. فمهما كان حجم التصدي من المسيليم ومهما كانت كمية الكرات المقطوعة من الخيبري فإنَّ ذلك لا يعني شيئاً إن لم يتقنا تسليم الكرات صحيحة لبقية اللاعبين.. لأنه ببساطة ستردد علينا مجدداً - كما حدث بلقاء استراليا - وستجعل شباكنا مهددة وفي مرمى النيران الإماراتية. كما أتمنى الاستفادة من روح وموهبة ناصر الشمراني في المقدمة.. فاللاعب أثبت أنه مهما غاب إلا أنه أشبه بالذهب يبقى ثميناً.. وأنه بموهبته التهديفية الفطرية يدرك جيداً مقاسات المرمى ويعرف إحداثيات الشباك.. وما اختياره للمكان المناسب لحظة تسجيل الهدف الثاني باستراليا رغم زحمة المدافعين إلا تأكيد على ما يملكه من قدرة على قراءة الكرة وحسن اختيار التموضع والقدرة على التوقع.. إضافة إلى ما قدمه من أداء رغم الفترة القصيرة بين استدعائه ومشاركته في دقائق محدودة.. لذلك أتمنى ألا يكون هنالك فلسفة جديدة من الهولندي وأن يكون الملعب مسرحاً للاعب الأفضل.. وكلنا شاهدنا مثلاً ما قدمه حسن معاذ من مستويات مع الأخضر لينال بلقاء استراليا اللاعب الأفضل حسب اختيار الاتحاد الأسيوي.. وهو اللاعب الذي عانى الدكة في أول الجولات. أخيراً.. لا يمكن أن تصنع صورة جميلة إلا بإطار جميل.. ولا يمكن أن تقيم لوحة فاتنة إلا بألوان زاهية.. ولن تستطيع أن تبني فريقاً قوياً إلا بمعية رجال خلفه.. ولا أخال المدرج إلا من سيصنع كل ما سبق.. لذا ننتظر من الجمهور كما رسم بالخميس لوحة أن يصنع بالثلاثاء الفرق.. فهم وحدهم من يستطيع أن يعيد حماس اللاعبين لو انطفأ.. وأن يعيد صحوتهم إن تثاءبوا.. وهم أيضاً من بزئيرهم سيرهبون المنافس ويصيبون أقدامهم بالارتباك وتفكيرهم بالشلل.. لذا ننتظر المشجعين كالمعتاد وهم يصطفون بكل الألوان خلف المنتخب.. لتكتب الجوهرة فصلاً من فصول المتعة بمسرح يكتظ بالحضور المتفاعل مع كل هجمة.. لتدين لنا بإذن الله السيطرة ونصافح النتيجة ونتراقص الفرح. آخر سطر لا يمكنك الانتصار إذا كان بمقدورك قبول الهزيمة. «لومباردي»