تنامت ظاهرة التطرف بشكل واضح في المنطقة العربية في العقود الأخيرة، وهي ظاهرة لها أسبابها بالتأكيد منها: الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، لكن في الوقت نفسه لها نتائجها المدمرة للمجتمعات والشعوب والدول. وما كان للتطرف أن ينمو وأن يتحول إلى ظاهرة لو تمت مواجهته مبكرا. خاصة من قبل الهيئات ومؤسسات المجتمع المدني. لكن هذه المواجهة حدثت بالفعل مع إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي استنفر طاقاته العلمية وفعالياته وبرامجه لمناقشة هذه الظاهرة من جهة، ومقاومتها فكريا من جهة أخرى، هكذا يمكن أن نشير بداية للصورة المضيئة التي يقدمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عبر مقاومته ومواجهته ظاهرة التطرف والغلو والتعصب. ومن يمضي بعيدا سوف يكتشف أن المركز قد قدم أبرز فعالياته في هذه المواجهة، وفي وقت مبكر، بعد إنشائه، سواء بشكل مباشر كما في اللقاء الوطني الثاني الذي حمل عنوان: « الغلو والتطرف» في العام 1425ه أو بشكل ضمني خلال مختلف لقاءاته الفكرية. منظومة برامج: كثيرة هي الفضاءات التي عمل عليها المركز، وقدم من خلالها أنشطته منها: اللقاءات الوطنية، والمشاريع والفعاليات، والدراسات البحثية، والنشر الإعلامي، واستطلاعات الرأي العام، والمقاهي الحوارية، وورش العمل. عبر هذه المنظومة من البرامج والمشاريع والفعاليات تتعدد الفضاءات الحوارية لدى المركز، وهي فضاءات سعى المركز دائما إلى فتح المجال فيها للمشاركة أو للتلقي والبحث لشرائح اجتماعية متعددة، كما أنه سعى لإيصالها إلى مختلف مناطق المملكة. لقد نفذ المركز منذ إنشائه قبل أكثر من ثلاثة عشر عاما سلسلة من اللقاءات الوطنية بلغت (13) لقاء، كان سؤال التطرف مطروحا في معظمها، وذلك بمشاركة (910) مشارك ومشاركة، وعقدت اللقاءات بكل مناطق المملكة بشكل دوري متتابع. وقد خصص المركز اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الذي عقد بمكةالمكرمة في العام 1425ه لمناقشة التطرف والغلو والاعتدال، وعبر البيانات الختامية للمركز خلال اللقاءات الثلاثة عشر، ضمّن هذه البيانات «رفض المشاركين للتطرف بجميع أشكاله، وتأييدهم لكافة الإجراءات التي تتخذها الدولة لمواجهته». وعبر البرامج التدريبية في الحوار الفكري قدم المركز نمطين من البرامج تضمنت: برامج تأهيل مدربين، بعنوان: «مدرب معتمد في الوقاية من التطرف» وبرامج تدريب قصيرة تتضمن : «برامج لعدد من الجهات» و» برامج لعموم المجتمع». وقد شملت هذه البرامج : مجلس الشورى، حيث قدم المركز (4) برامج استفاد منها (52) مستفيدا، و (6) برامج لعلماء اليمن ل (62) مستفيدا، و(6) برامج لعموم المجتمع أفاد منها (180) مستفيدا، و(6) برامج لطلاب الجامعات أفاد منها (600) مستفيد، فيما قدم مجموعة برامج لإعداد المدربين استفاد منها (18) مدربا، و(27) مدربة. وحملت هذه البرامج جملة من العناوين منها: الحوار الفكري، الحوار الوطني وتعزيزه للأمن الفكري، الحوار من أجل السلام، إعداد مدرب في الحوار الفكري، تبيان للوقاية من التطرف. ورش عمل ضد التطرف: نفذ المركز في العامين الماضيين مجموعة من ورش العمل ضد التطرف بلغت (19) ورشة عمل، أفاد منها نحو (1070) مستفيداً ومستفيدة، وحملت هذه الورش العناوين التالية: كيف نحمي الشباب من الحوارات الإلكترونية المتطرفة عبر الإنترنت؟ مناقشة بناء إستراتيجية وطنية لمواجهة التطرف، دور العلماء في تحسين الصورة الذهنية عن المملكة وصد الهجمات الفكرية التي تواجهها، التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية. وقد عقدت الورش بالرياض، ومنطقة عسير، ومنطقة مكةالمكرمة، وحائل، والقصيم، والدمام. سفراء الوسطية وتبيان: وبالتعاون مع كل من جامعتي: طيبة، والملك خالد تم عقد برنامجين لمواجهة التطرف هما: سفراء الوسطية، وتبيان لمواجهة التطرف الفكري، في العام 1437ه ويتضمن برنامج : سفراء الوسطية، برامج تدريبية لتعزيز قيم الوسطية على مختلف الأصعدة لطلاب ومنسوبي الجامعات، وصياغة مبادرات لتعزيز قيم الوسطية في فكر الشباب. ويهدف البرنامج إلى :نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف بجميع أشكاله، ووقاية المشاركين من الأفكار والجماعات لمتطرفة، وتأهيل المشاركين بوسائل علمية ومهارية تمكنهم من كشف الانحرافات الفكرية أثناء الحوار، وتعميق لغة الحوار والتفاهم لمعالجة المشكلات الفكرية. وقد استضافت جامعة طيبة التي عقد بها البرنامج وفوداً ممثلة من (18) جامعة سعودية، وقد استفاد من البرنامج - طبقا لتقرير أصدره المركز - (371) طالبا وطالبة. ويأتي برنامج (تبيان) بوصفه برنامجا وقائيا حواريا توعويا متنوعا يضم برامج تدريبية وعددا من الفاعليات التي تضمن تفاعل المشارك وحيويته بحيث يتحول إلى الإسهام الفاعل وصناعة الأفكار وبناء المقترحات وحل المشكلات ورسم صورة إيجابية للمواطنة الحقيقية. ويهدف البرنامج إلى : مساعدة الأسرة والمربين وأئمة المساجد في الكشف عن مؤشرات التطرف لدى الشباب، وتمكين المشاركين من استخدام مقاييس علمية للكشف عن ظاهرة التطرف في محيطهم، وتأهيل المشاركين بوسائل علمية ومهارية تمكنهم من كشف الانحرافات الفكرية أثناء الحوار، وتمييز الأفكار المتطرفة في الإنترنت وفحصها والحكم عليها من خلال عدد من الإستراتيجيات والمهارات المتخصصة في التفكير الناقد. وقد استفاد من اللقاءات والمقاهي الحوارية نحو (3600) مستفيد العام الماضي بمناطق: عسير، والمدينة المنورة، والرياض، والجوف، وعقدت مجموعة من الندوات والمحاضرات حول: قصة الغلو، والوسطية في الإسلام، والوعي الفكري، وكيف نقي أبناءنا من التطرف؟، والألعاب الإلكترونية وعلاقتها بالتطرف، ودور الأسرة في وقاية الأبناء من التطرف، وأثر الحوار في وقاية الأبناء من التطرف، وغيرها من الندوات والمحاضرات التي قدمها نخبة من العلماء والمتخصصين والكتاب.