السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. اطلعت على ما كتب في عدد الجزيرة رقم 15933 وتاريخ 6/8/1437ه بعنوان (اتفاقية تعاون بين هيئة كبار العلماء ووزارة التعليم لنشر الفكر الوسطي في أوساط المدارس). ومن خلال هذا العنوان نجد أن وزارة التعليم خطت خطوة كبيرة لم يتم العمل بها سابقاً، وهي من الخطوات التي سيكون لها أثرها في المناهج وستنهي معاناة الوزارة ومؤلفيها من الوقوع في أخطاء قد لا يقبلها المجتمع أو قد تؤثر على أبنائنا الطلاب سواء أكانت ظاهرة في عبارات الكتب أو خفية لا يدركها القارئ والمتعلم في حينها ويكون لها أثرها السلبي على أجيال الشباب التي تخرجت من تلك المدارس. وعن المناهج فمناهجنا والحمد الله دائما تسعى إلى الأفضل وتتقدم في كل عام مع تطور التعليم، ولازالت بحاجة إلى التطوير وخصوصاً مع دخول عصر التقنية والانترنت التي لا اعتقد أنها ستكون بديلاً في الوقت الحاضر عن الكتاب، بل ستكون مسانداً له، ويبقى الكتاب للتدريب والتطبيق مع أخذ المعلومة من مصادرها في أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة الذكية التي انتشرت مع الجميع حتى صغار السن. ومن الملاحظ أن بعض البرامج والأنشطة اللامنهجية أخذت حيزا كبيرا من وقت الطالب، إضافة إلى الدورات التي تقام للمعلمين أثناء الدوام الرسمي للمعلم وتبقى الحصص بدون معلم ولمدة تصل إلى أسبوع، حتى معلم الانتظار لا يعمل شيئا لأن ما لديه من طاقة ستكون لدرسه المكلف به ضمن تخصصه، ويقضي الطالب وقته المهدور في المدرسة بدون فائدة مع غياب معلمه الذي يتلقى دورة وسط العام الدراسي. كما أن هناك عدداً من الحصص لا يحضرها الطالب بسبب الأنشطة الزائدة والتي تؤدى أثناء الحصص الرسمية مثل اليوم المفتوح أو الزيارات الطلابية لأحد المرافق العامة والتي تتكرر في كل عام وكأنها لمجرد الزيارة وكتابة تقرير للنشاط حتى لو لم يستفد الطالب من هذه الزيارة التي تأخذ منه يوماً كاملاً وفاته من الدروس المهمة الكثير، وقد يسبقه زملاؤه في المنهج لكثرة مشاركاته في هذه الزيارات التي أعدت ضمن برامج النشاط وهو في أمس الحاجة إليه، وبعض هذه الأنشطة لا تعود على الطالب بالفائدة، لأن الزيارة لا تقدم له شيئاً من المعلومة أو الترفيه. وقد يهدر من العملية التعليمية الشيء الكثير بسبب عدم التنسيق بين العاملين في المدارس فيما بينهم واستغلال الأوقات المناسبة للنشاط والزيارات، واقتصارها على ما هو مفيد للطالب وبشكل لا يحرمه من 6 مواد في ذلك اليوم. وتجد أن البعض يعاني من مشكلة صنعها هو لنفسه وأخذ يضع أعذاراً غير منطقية في تدني مستوى طلابه دون أن يقدم لهم الحلول أو يبحث أسباب تدني المستوى التعليمي. فمشكلة المدارس الحالية أن الحفلات والزيارات طغت على المنهج، وكثرة الغياب أصبح شيئاً مألوفاً، وربما أن من لا يتغيب يعتبر ملفتاً للانتباه وقد أهدر حقاً من حقوقه وهو بضعة أيام خلال العام الدراسي، مثله مثل غيره، حتى المعلم والمعلمة أصبحت الإجازة المرضية ملفتة للانتباه وخصوصا للمعلمات التي لا تخلو مدرسة من عدد من المعلمات تم تسجيل غياب عليهن. كما أن فترة ما قبل الاختبارات والتي كان الغياب فيها في السابق لا يتجاوز اليوم أو اليومين وتحولت في السنوات الأخيرة إلى أسبوع أو أسبوعين قبل الاختبارات إضافة إلى بداية العام، وهو الأسبوع الأول، لا يحرص الكثير على الحضور فيه بالشكل الذي يضمن استمرارية الدراسة الجادة من أول يوم. وعند إقامة المعارض والأنشطة والمشاركات تبقى من عمل الخطاطين والفنانين دون أن يكون للطالب شيء منها، حتى ربما لا يراها إلا في معرض المدرسة حيث يقوم الأهل بعملها ودفع المبلغ وتسليمها لمسؤولي المدارس، ويذيل اسم الطالب تحتها وإشراف المعلم بعد أن اخذ الخطاط قيمتها وتنازل عن حقوقه كتنازل بعض الشعراء عن حقوقهم لأبيات الشعر لغيرهم في بعض المناسبات. وفي نهاية العام أو بداية العام القادم تحول كل هذه اللوحات إلى براميل النفايات أو في سيارات البلدية لإحراقها أو رميها في مكب النفايات، فقد انتهى وقتها وتمت رؤيتها لدقائق بعد قص الشريط وما يتبعها من بنرات ترحيبية وغيرها، ويكون لهذا المعرض استعدادات قد تصل إلى الشهر والطالب مغيب عن مواده الدراسية للكثير من الوقت استعداداً لهذا الاحتفال السنوي. فنحن في أمس الحاجة إلى التطوير لكل ما يدور في المدارس من عمليات التدريس والأنشطة والزيارات العقيمة المكررة وأحياناً نفس الطلبة يتكرر ذهابهم في كل عام إلى الأماكن نفسها ولنا في معالي الوزير الدكتور احمد العيسى الأمل الكبير بعد الله في تغيير عدد من الأنظمة داخل الوزارة وفي المدارس وإدارات التعليم التي صرفت وقتها ومشرفيها في متابعة أنشطة لا قيمة لها سوى عدد من التقارير والصور. ولقد لاحظنا في معاليه التوجه إلى التطوير من خلال العديد من التعاميم ومن أهمها عدم تعليق الدراسة الذي أصبح في السابق أشبه بالمكارم والإجازات دون الحاجة إليه ولمجرد هبوب رياح أو نزول نقطة مطر تعلق الدراسة في محافظات لا تتأثر بالأمطار وليست كبيرة كالرياض وجدة وغيرها من المدن الكبيرة التي قد تحتاج إلى مثل هذا التعليق. ولا ننسى أن التعليم هو أساس تقدم الأمم، وبسواعد شبابه تكون النهضة والتقدم إذا كان التعليم هادفا يركز على الجوانب التعليمية وتنمية المواهب في الطلبة وليس في قضاء أوقات ما بين اللعب والإفطار الجماعي واليوم المفتوح وإهدار الوقت الثمين للطالب في أشياء لا تسعى إلى زيادة في العلم أو المعرفة أو حتى الترفيه. ولنا في برامج وخطط الدول المتقدمة العبرة وان نأخذ منهم ما يناسب عاداتنا وأجوائنا الدراسية لنحقق العلم والمعرفة ونقلص من هدر الأيام الدراسية التي يهدر منها الطالب الكثير في غيابه لأي سبب، وأن تكون هناك ورش عمل للطلبة داخل المدارس كنوع من النشاط المنهجي يديرها متخصصون يفعلون النشاط في البحث عن المعلومة المفيدة واكتشاف المواهب بين الطلاب ورعايتها حتى تؤتي ثمارها. - محمد عبدالله الحميضي