غداً تتجه أنظار الملايين من مسؤولين وأولياء أمور وطلاب وطالبات نحو مصانع المستقبل في عام دراسي جديد ، والذي يشهد في أسبوعه الأول نسبة غياب عالية بين صفوف الطلاب على مستوى جميع المراحل .. إنه الأسبوع الذي تتكرر فيه تلك الظاهرة لأسباب عديدة .. عام دراسي جديد يأمل فيه الطلاب أن يحظوا باهتمام من وزارة التربية والتعليم ،وذلك بتكثيف الفعاليات المشوّقة و برامج الإثراء المعرفي .. الأسبوع الأول من العام الدراسي الجديد وظاهر الغياب فيه، هو محور حديثنا لهذا الأسبوع . فصول خالية أصحاب الشأن وهم طلاب المدارس كانوا أول المُدلين بآرائهم ، فهم مخرجات التعليم ، والناقد الصامت داخل أروقة المدرسة .. يقول الطالب فيصل الدخيل : تعودنا في الأسبوع الأول من الدراسة في كل عام أن نحمل جميع الكتب الدراسية بسبب تغيير الجداول أو تأخير استلامها ، فعدد الكتب كثيرة وفي نفس الوقت ثقيلة ومع ذلك نجد أن أغلب الفصول خالية من الشرح !! ، وهذا ما يجعلنا نتغيّب عن الحضور في الأسبوع الأول عن المدرسة ، فضلاً عن الفوضى التي تحصل داخل الفصول . ويضيف الدخيل : نجد المتعة والفائدة في بعض الحصص التي يستخدم فيها المعلم جهاز العرض «البروجكتر» في غرفة المصادر لما فيها من عناصر تشويق و تجديد ، ولكن عدم استخدام التقنيات الحديثة للتعليم يزيد من حالة الملل والفوضى . للأسف هناك تقصير واضح من بعض أولياء أمور الطلاب ، ويتضح ذلك من عدم أو ضعف التعاون مع المدرسة في التواصل مما قد يخلق فجوة بين المنزل والمدرسة تتسبب في ضياع الطالب وتفشّي ظاهرة الغياب . روتين ممل زياد القرني طالبٌ يحمل رسالة مفادها ( الروتين السنوي في الأسبوع الأول أهم سبب لغياب الطلاب ) .. يقول زياد : منذ أن كان أبي طالباً حتى يومنا الحالي ولايزال المعلم يسأل في أول حصة له ( أين قضيتم الإجازة ؟؟ ) ، وهذا السؤال يسبب الحرج لبعض أصدقائنا الذين لم تتسنى لهم الفرصة للسفر خارج المنطقة لأسبابهم الخاصة ، وهذا الشيء يعدّ روتيناً مملاً يصاحب بداية كل عام دراسي ، ونحن قد مللنا من هذا الروتين وهذا ما يجعل الكثير من زملائنا يهجرون المدرسة في الأسبوع الأول من الدراسة . ويردف زياد قائلاً : لا أخفي عليك أن معظم أيام الأسبوع الأول من الدراسة «ترفيه» بسبب تأخر تسلّم الكتب أو بعثرة الجداول بين المعلمين ، لذلك يفضل الطلاب الغياب حتى تنتهي المدرسة من ترتيباتها . أولياء الأمور ويرى الأستاذ عبدالله بن عايض الرفيدي، أن هناك أسباباً كثيرة لظاهرة الغياب في الأسبوع الأول من العام الدراسي، حيث قال : انتقال الطالب من نمط الإجازة إلى أجواء العام الدراسي من أكبر مسببات الغياب ، كما أن عملية توزيع الطلاب و ترتيب جداول المعلمين تؤخر مجريات الأيام الأولى في الدراسة. كما أن بعض أولياء الأمور يجهلون بعض الأساسيات التي تُسهم في الحد من هذه الظاهرة السنوية من وجهة نظر الرفيدي الذي قال : عدم سؤال بعض أولياء الأمور عن ابنه في المدرسة ، وجعل قضية متابعة ابنه الطالب قضية فرعية يشجع الطالب على الغياب ، ولا يقابل ابنه نظراً لانشغاله بتجارته وأعماله وتركه للسهر واللعب على حساب مستقبله ، إذاً لا بد من توعية أولياء الأمور بالمحافظة على أبنائهم والحرص على متابعتهم . وأردف الرفيدي قائلاً : لا شك أن بعض المدارس تشارك في نمو ظاهرة الغياب ، وذلك لعدم اهتمامها بالبرامج الترحيبية كاستقبال الطلاب ببرامج ممتعة ومشوقة ، وتجهيز الأعمال الإدارية قبل حضور الطلاب ، لأن التأخر في تهيئة الفصول الدراسية و عملية التغيير في الجداول تسبب حالة ارتباك داخل المدرسة . ولاحظ الرفيدي ،أن ميزانية المدارس لا تأتي في وقتها ، كما أنه ليس من اختصاص المدرسة البحث عن المال ، بل هذا من اختصاص الشؤون المالية والإدارية في إدارة التعليم ، علماً أنه يترتب على هذا التأخير إلغاء إقامة الحفلات مثل حفل استقبال الطلاب و برنامج الأسبوع التمهيدي . تعاميم وحوافز الأستاذ محمد شحيبان العصيمي طاقة من الطاقات الشبابية في مجال التربية والتعليم ، يتمنى أن تكون بداية العام الدراسي موفّقة ، وأن يُعطى المعلم حقه في الحوافز لكي ينعكس ذلك على أداء الكثير من المعلمين تجاه الطلاب .. يقول العصيمي : لا يوجد تحفيز من وزارة التربية والتعليم لمعلميها سواء بالشكر والثناء أو بتقديم الهدايا أو حتى المحفِّزات التي تدفع بالمبدعين نحو التجدد والتميز ، وهذا مما لاشك فيه يقتل الطموح والنشاط الذي بداخل المعلم . وعن الأمور التي تشغل المعلم عن عمله، يقول العصيمي : كثرة التعاميم يغلب عليها أسلوب التهديد والوعيد ، وأغلب تلك التعاميم لا تفيد المعلم وكأنها للإثراء المعرفي ، والمفروض ألا ينشغل المعلم بمثل هذه التعاميم عن أداء عمله ، كما أن مراكز الإشراف ليس لها بصمةٌ في استقبال العام الدراسي الجديد بالنسبة للمعلمين ،والمفروض من مركز الإشراف في كل إدارة تعليمية أن يستقبل المعلمين مثل ما يستقبل الطلاب ، ويفترض أن يتميّز المعلمون المتميزون باستقبالهم على الأقل بحفل معايدة . إرشادات المرشد المرشد الطلابي علي الزهراني من المعلمين الذين خدموا في التربية والتعليم سنوات طويلة ، وتخرّج من بين يديه أجيال وأجيال .. الزهراني لخّص لنا تلك الخبرة الطويلة ،حيث قال : دَور ولي أمر الطالب هامٌ جداً للحدِّ من ظاهرة الغياب ، ولكي تتمكن المدرسة تقديم أفضل الخدمات التربوية والتعليمية الممكنة للطالب ، ولكن للأسف هناك تقصيرٌ واضح من بعض أولياء أمور الطلاب ،و يتضح ذلك من عدم أو ضعف التعاون مع المدرسة في التواصل، ممّا قد يخلق فجوةً بين المنزل والمدرسة تتسبب في ضياع الطالب وتفشي ظاهرة الغياب ، كما أن عدم توفر أو ضعف البيئة النفسية أو الاجتماعية المريحة للطالب في المنزل و قلّة الاهتمام بمبدأ القدوة الحسنة من ولي أمر الطالب أمام ابنه في القول و العمل ،له أثرٌ بالغ في تدني مستوى الطالب التربوي والدراسي . وشدد الزهراني على ضرورة حضور الطالب مع بداية العام الدراسي لكي لا يحرم من درجات التقييم والمواظبة . ونبّه أيضاً إلى أنه يوجد قصورٌ من قبل بعض أولياء الأمور في منح الطالب القدر اللازم من الدفء العاطفي المعتدل وتفهّم مرحلته العمرية وحاجاته و مشكلاته والتقرب منه واعتبار الطالب صديقاً لوالده ليساعد ذلك على شعور الطالب بالأمن النفسي وثقته بنفسه وبالآخرين . كما أن بعض أولياء الأمور قد لا يعرف مع من يذهب ابنه و من هم أصدقاؤه ورفاقه ،وما هي توجهاتهم التي قد تسبب انحرافاً في سلوك الطالب . ومن الأخطاء التي يراها الزهراني أن بعض أولياء الأمور لا يتّجه للمدرسة أو يتواصل معها بمقابلة المرشد الطلابي لإعطائه المعلومات الهامة و الصورة الكاملة عن كل الظروف المحيطة بالطالب خارج المدرسة ، وبعض أولياء الأمور يرى أن المدرسة هي المسئولة الوحيدة عن ابنه و يهمل أو يتجاهل الدور المكمل للمنزل وأنها علاقة تكاملية . بداية محرقة وفي نفس السياق وجّه الشيخ عامر بن عيسى اللهو عضو هيئة التدريس في جامعة الدمام بعض التوجيهات والملاحظات تجاه ثلاثة محاور من محاور التعليم في المملكة ألا وهي : الطالب والمعلم والمناهج ،حيث قال : من الملاحظ أن بعض الطلاب لا يستشعرون فضل العلم وذلك عندما يذهب للمدرسة وكأنه مُرغمٌ على التحصيل العلمي ومجبر عليه ، وهذا لاشك أنه يخرج لنا نتائج غير مرضية وغير مستحسنة ، لذلك نجد تدني في المستوى الدراسي نظراً لعدم فهم الطلاب لقضية التحصيل العلمي ، ونحن نلاحظ أن الحضارات والأمم إنما تقوم على سواعد أبنائها ممّا يحمِلون من العِلم ، وهم في الحقيقة زينةٌ للأمة والدولة ، فإذا أردت أن تعرف رقي أيِّ بلاد فانظر إلى ما تحتوي من متميِّزين وعلماء وما إلى ذلك . وأضاف اللهو : أعتقد أن الطالب أخذ كفايته من الراحة والاستجمام ، فعليه أن يبدأ «بداية محرقة لنهاية مشرقة» ، ولابد أن يتحمّل الوالدان عِظَم المسؤولية ، وأن يبثا فيه روح الاجتهاد ولا يثبطانه ، فكل طالب مجتهد ومتميز في دراسته يعكس بيئته الأسرية و اهتمام أسرته به أمام المعلم والطلاب ، كذلك العكس . وأمّا قبطان السفينة وهو المعلم فَوجَّه له اللهو بعض التوجيهات حيث قال : لاشك أن العملية التعليمية لا تقوم إلا بالمعلم ، فأعانه الله على ما هو فيه ، لأننا نجد في بعض المعلمين ضيقاً في الصدر عندما يجدون من بعض الطلاب مشاكسةً أو عدمَ فهمٍ أو ما شابه ذلك ، فالصبر على المتعلم من سِمات المعلم الناجح ، والطالب أمانة يجب أن يُحافَظ عليها وأن تُغذّى بالعلم النافع حسب المناهج المعتمدة . وطالب اللهو بالحرص على المناهج وانتقائها والتجديد فيها ، وخصوصاً لابد من فحص مناهج العلوم الطبيعية بين الفينة والأخرى وتزويدها بآخر ما توصّلت له تلك العلوم من تطورات والاستفادة ممّا عند العالم من تجارب ناجحة ، أما بما يتعلق في مناهج الدين فهي ولِلّه الحمد ثابتة وواضحة .