فاصلة: «بالوسع يمكن مقاومة غزو الجيوش ولكن لا يمكن مقاومة غزو الأفكار» - حكمة عالمية - في علم التربية ليس صحيحًا أن تخلق من ابنك نسخة مطابقة لك ومع ذلك يجتهد كثير من الآباء لاستنساخ أبنائهم منهم. سقراط أسس نظرية منطقية في التربية حين قال: (لا تكرهوا أولادكم على آثاركم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم). الأطفال بطبيعتهم لا يتوقفون عن الأسئلة، هي فطرة الإنسان تجاه التعلم، لكننا نقمعهم حين نربيهم على الخوف ونأمرهم ضمنيًا بقولنا لا تفكر!! نعم هذه هي القاعدة التي أنتجتها الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام لدينا واستمرت لسنوات طويلة. والآن لا أظن أن قاعدة لا تفكر تفيد مع جيل المعلوماتية الذي أصبحت التكنولوجيا فيه شريكًا للمؤسسات التربوية في زرع الأفكار والقيم. بالرغم من أننا جيل شهد أكثر من أربعة عقود من الزمان بكل ما فيها من تحولات فكرية لكننا نمارس ذات القمع والخوف الذي مورس على عقولنا ولكن على جيل مختلف تمامًا في تركيبته النفسية والاجتماعية. والعقل في الأصل ليس حرًا، بل مقيد كما يقول د.علي الوردي بثلاث جوانب «نفسية، اجتماعية، وحضارية». أما الجانب النفسي فمقيد بالعواطف والاتجاهات المختزنة فيه، وقيود الجانب الاجتماعي هي في انتماء الإنسان لجماعة مثلاً ويتبعها دون تفكير، بينما تنطوي قيود العقل الحضارية في الاشتراك في قيم حضارية موحدة. وعلى الرغم من هذه القيود على العقل التي تنتظر من وعينا الرأفة بأولادنا من تكريس الخوف في دواخلهم ومن أعمال العقل فإننا ننقل إليهم تجاربنا واعتيادنا الأحكام المسبقة والبرمجة القديمة وتقديس الأفكار أو من يبتكرها وينشرها. أعمال العقل يعني الشك وعدم قبول أي فكرة دون محاولة فهمها. وهذا ما نخافه على أطفالنا بالرغم من أنه الطريق الصحيح للإدراك والتدبر الذي أمرنا به الله في كتابه الكريم. سجن العقل بسيطرة أيًا كان نوعها من قبل المجتمع توقف وتعطل قدرته على الفهم ومن هنا يسهل انقياده، فإذا انقاد العقل إلى أفكار أو أشخاص فقد فقد ميزته التي ميزته عن بقية مخلوقات الله. شجعوا الأطفال أن يتساءلوا دون خوف وادعموا الشباب الذي يناقش مهما تمرد على القديم أنه جيل قادم بأمل جديد في الغد.