حسناً.. سأقول لكم ماذا يشعر المخدوعون بآلة الإعلام الحوثي الفاجرة، يقولون إن على التحالف العربي ألا يقصف جبال صنعاء التي تحوي مخازناً مهولة للعتاد الحربي المعبأ منذ نصف قرن، يشعرون أن القصف يستهدفهم مباشرة، وأن معركة التحرير الوطنية الكبرى لا تعنيهم!، وقد يدفعون أطفالهم وشبابهم لخوض حرب يدافعون فيها عن «كرامتهم» كما يقولون!، انطلاقاً من مبدأ الحرب ضد التدخل الخارجي، وإقراراً بأن تلك فطرة الإنسان الحي في القتال عن وطنه السليب! منذ البداية كان الحوثيون أول من أطلق النار على الآمنين في صعدة، وصولاً إلى دماج ثم الجوف ومنها إلى عمران وحجة والمحويت وصنعاء، حتى بلغوا مغرب الشمس في عدن، قاتلناهم بشراسة في الحروب الستة، وبعيداً عن فرضيات الخيانة كانوا محاصرين في كهوفهم وقراهم القليلة في أقاصي صعدة الشمالية، وحينما وصلوا إلى عدن كانت الدولة قد سقطت تماماً واستحوذوا عليها بإعلانهم الدستوري الذي يشبه إعلان «البغدادي» المتطرف في العراق. لا أعتقد أن سقوط أي نظام في العالم واستيلاء حفنة من المتطرفين العقديين على مقاليد السلطة يمكن ألا يثير حفيظة الدول المجاورة له على وجه التحديد!، ذلك ما حدث في العراق مثلاً، أو سوريا التي تدخلت في أرضهم قوات التحالف الدولي لمنع «داعش» من التقدم صوب العاصمة! في اليمن كان المتطرفون المذهبيون قد سيطروا على صنعاء وذهبوا باتجاه إحكام قبضتهم على باقي المدن بالحديد والنار، الأبرياء الذين سقطوا في حالة الحرب المخيفة ضحايا التطرف المذهبي الذي قاد حرباً مجنونة لا مبرر لها، وفي المقابل كانت الشرعية الحكومية تستعيد جغرافيتها المغتصبة بفعل القوة النارية للتحالف العربي الذي تدخل لإيقاف العدوان الداخلي عند حدوده بعد استنفاد كافة خيارات السلام ونداءاته. لقد أصيب العالم العربي بالرعب لتصريح قائد الحرس الثوري الإيراني الذي أعلن انضمام العاصمة العربية الرابعة إلى الحاضنة الثورية الفارسية، ولا يمكن لأي دولة ضخمة كالسعودية مثلاً أن تقف صامتة إزاء هذه التدخلات المتسارعة التي قضت على آمال الحوار وإمكانية الوصول إلى حل سلمي يحفظ لليمن دولته في الحدود الدنيا. موالاة الحوثيين خيانة، فهم لا يمثلون ولا يمكن أن يتحدثوا باسم محافظة صعدة أو حتى باسم المذهب الزيدي المنحسر، تمدُد داعش في العراق أيقض العالم الغربي الذي سارع للاستجابة إلى نداء حكومة العبادي وتدخل في الوقت الصعب، ورغم ذلك لم نسمع أن عشائر العراق رفضت ذلك التدخل لإيمانها أن داعش فئة متوحشة لا يمكن قبول أحكامها المتطرفة، الحوثيون لا يختلفون عن داعش، الأداء الإرهابي واحد، رغم تفاوت حدته ومشاهده المرعبة، وفي النهاية فكلا التنظيمين يمثلان حالة متنافرة من المغالاة المذهبية المسلحة. المزاج العام في اليمن غريب حقاً، لا يجوز الانتصار للحوثيين بأي شكل من الأشكال، فهم وحدهم من جلب هذا الدمار إلى اليمن ومزق النسيج الاجتماعي وشرد آلاف العائلات، وحوّل مدن النزاع إلى أطلال يسكنها الشياطين!، الحوثيون إرهابيون مثل داعش، أو طالبان. نحن لا نعيش في كوكب آخر حتى نرفض الانصياع لقوانين تشكيل الدولة الوطنية، فانهيار أي نظام أمام قوة مليشاوية مفاجئة يضع البلد كلها تحت تصرف القوى الكبرى التي تدفع عن نفسها شظايا الانهيار بتدمير تلك القوة الخطيرة، حتى تعود أركان الدولة الرسمية وينتهي أفق الميليشيا وترحل!.