من يجلس مع عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار - رئيس «حركة التغيير» إيلي محفوظ، يظن لوهلة أن حركة الاستقلال التي ولّدها اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ما زالت في عزها، وأن المبادئ التي قامت عليها ما زالت طاغية على المشهد السياسي للذين آمنوا بهذا التحرك. فإيلي محفوظ، قد يكون من القلائل الذين لم يغيروا من مواقفهم المناهضة للوجود السوري سابقاً وللنفوذ الإيراني الحالي في لبنان. وقد يكون من القلائل الذين لم يتبدلوا، في استخدام العبارات «الاستقلالية» نفسها منذ اغتيال الرئيس الحريري في 14 شباط 2005. محفوظ، يكرر انتقاد حزب الله ويعتبر أنه يجلس على طاولة الحوار معتمداً على سلاحه، فيما باقي الفرقاء يتنازل له. ويعتبر أن «سلاح ميليشيا حزب الله كان وسيبقى سبب كل الأزمات المتلاحقة». ويؤكد أن «المشروع الإيراني في المنطقة لن يكتب له النجاح لأنه يقوم على اللامنطق وعلى الأعمال الإرهابية»ويثني على «الدور الإيجابي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في الوقوف بوجه الارهاب» مذكراً بموقف المملكة من النظام السوري الذي لم يتبدل رغم الضغوطات التي تواجهها المملكة. استاذ ايلي، يبدو أن أي مؤسسة دستورية في لبنان أو أي خطوة على طريق الحل السياسي ، تتعرقل، وآخرها، تعليق جلسات الحوار الوطني في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة. وعزي السبب الى خلاف سليمان فرنجية – جبران باسيل على ميثاقية تمثيل المسيحيين في الحكومة. كيف ترى أولاً «ميثاقية» المسيحيين في التمثيل؟ - دعني بداية، أجدد موقفي الثابت مما أسموه طاولة حوار ، لم أقتنع على الإطلاق بمثل هكذا طاولات قامت منذ بداياتها على نوع من «الضحك على الذقون» كما نقول باللبناني.. ناهيك عن ان فكرة وفذلكة طاولة الحوار انما انطلقت تحت عنوان واحد الا وهو مناقشة سلاح ميليشيا حزب الله وما أسموه هم اصطلاحا الاستراتيجية الدفاعية. إذاً من هنا انحرفت هذه الطاولة عن مسارها الأساسي، لتتحول شيئا فشيئاً لطاولة تنفيس او بالأحرى بحث كل شيء باستثناء مناقشة سلاح ميليشيا حزب الله الذي هو كان وسيبقى سبب كل الأزمات المتلاحقة، وعبثا نحاول ما لم نجد إطار حل لهذه الآفة التي باتت عبئًا على كاهل الجمهورية اللبنانية. اما قصة الميثاقية فأصبحت ك»قميص عثمان» لكل من يرغب بتحسين وتحصين مكتسباته السياسية والسلطوية في لبنان، لكن أكثر ما يخيف اليوم ان بعض المسيحيين باتوا يتشبهون بسلوك حزب الله بحيث يطلق هؤلاء بين الفترة والأخرى بالونات إعلامية دعائية حول حقوق يزعمون انهم من دعاة تحصيل هذه الحقوق للمسيحيين. - من نقاط الخلاف الأساسية مع العماد ميشال عون،زعمه أنه يمثل معظم المسيحيين.هل أنتم مقتنعون بهذا الطرح؟ هل تؤيدون ترشيح سمير جعجع لميشال عون للرئاسة؟ - النائب ميشال عون هو واحد من كثيرين في الوسط السياسي المسيحي وبالتالي ليس وحده من يمثل النصارى. واذا كان المقصود بعدد النواب فكلنا يعلم كيفية تحصيله لهذا العدد من خلال تذخير كل الطاقات لتمكين الرجل من تشكيل كتلة نيابية واسعة، وهذا ما سعى اليه حزب الله منذ عام 2005 وبعد توقيع التحالف تحديداً، بغرض تأمين غطاء نصراني لسلاحه وسلوكه. هذه حقيقة لا يمكن التغاضي عنها ومن لا يريد ان يقتنع بها فهذه مشكلته. ولكن اكثر من ذلك نقول ان عون يمثّل مسيحيين ولكن ليس كل المسيحين. هناك تعددية لدى المجتمع السياسي المسيحي، وهذه عمرها من عمر الحياة السياسية لهذا الوطن، اما بالنسبة لرئاسة الجمهورية فأقول إنني كعضو في الامانة العامة لقوى 14آذار أرفض وصول أي ماروني ينتمي الى خط حزب الله او الخط المؤيد للنظام السوري. واعود لأجدد ان طموحي هو وصول ماروني من رحم ثورة الارز يؤمن بالميثاقية قولا وفعلا وليس من باب البحث عن السلطة، وهذه أراها في مرشح هو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لا بالعماد ميشال عون ولا بالأستاذ سليمان فرنجية. من هنا أدعو قوى 14آذار للعودة الى الأصول والثوابت، وبعدما حاولت كل القوى والمكونات من احداث فجوة في ملف الرئاسة المقفل بمفتاح إيراني، أدعو هذه القوى لإعادة ترشيح مرشحها سمير جعجع، وعدم التنازل في هذا المجال لأي مرشح من فريق 8 آذار. - جعجع نفسه، رأى أن الحل في لبنان ليس «سلة متكاملة بين الفرقاء» وإنما بمجيء عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للوزراء. هل ترى ذلك؟ وهل يمكن تحقيق هذه المعادلة؟ وهل تنجح؟ - دعنا نتفق بداية انه لدينا دستور ويجب تطبيقه، وبالتالي بداية الكلام يبدأ من خلال مشاركة النواب بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم قيام الرئيس المنتخب بإجراء استشارات نيابية لتكليف الشخصية التي تنال عدد الأصوات برئاسة الحكومة. اذاً، علينا القراءة بكتاب واحد هو كتاب الدستور اللبناني وعليه ماذا يقول هذا الكتاب علينا تنفيذه. أما بالنسبة لمسألة السلة التي طرحها بري، فأرى أنها أصبحت وراءنا وقد تخطتها الظروف المعقدة في الملف اللبناني، دعونا اليوم قبل بحث اي استحقاق نتفق على المحافظة على الوطن الذي هو بخطر كبير من خلال مشروع حزب الله المدمّر للجمهورية اللبنانية. - هناك من يقول إن لاعبين آخرين دخلوا على خط التسوية الرئاسية في لبنان ومنهم تركيا. هل ترى ذلك؟ وماذا تقولون للعرب في مقابل التدخل الايراني في شؤون لبنان وسوريا والمنطقة العربية؟ - ان ايران تقحم نفسها و تتدخل في شؤون الدول العربية وهي انشأت لنفسها أذرعاً ميليشيوية بدءاً من لبنان مروراً بأكثر من دولة عربية وهذا يعني مخالفة فاضحة وواضحة للأصول وللأعراف وللعلاقات الدولية. ان المشروع الايراني في المنطقة لن يكتب له النجاح لأنه يقوم على اللامنطق و على الأعمال الإرهابية، ولا نبالغ اذا ما أكدنا على أن الحركات الأصولية مثل داعش وغيرها تتناغم وتنسجم وتتلاقى بالمصالح مع المشروع الايراني. لا بد هنا من التأكيد على الدور الإيجابي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في الوقوف بوجه الارهاب ولا ننسى موقف المملكة من النظام السوري الذي لم يتبدل بالرغم من حجم الضغوطات التي تواجهها المملكة. ان الدول العربية مدعوة للبقاء صفاً واحداً بمواجهة ما يحاك للمنطقة. - هل والحالة هذه تجري الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في الخريف، قبل الرئاسية؟ وهل يمكن ذلك دستورياً وواقعاً؟ - ان الأجواء الضاغطة والمتغيرات لا توحي بحصول الانتخابات النيابية في موعدها، والخشية مع الاستمرار باجواء كهذه، الوصول إلى حتمية تمديد جديد للمجلس الممدد له أصلا. طبعا انتخاب الرئيس اولوية مطلقة ولكن من الواضح ان هذا الاستحقاق بات في خبر كان. من هنا فإن ترحيل الاستحقاقات اللبنانية بات عنواناً للحياة السياسية في لبنان، وإنني أخشى ما أخشاه ان نكون امام واقع ربط الاستقرار السياسي في لبنان بواقع ازمة المنطقة.