ليس بالضرورة أن تكون ساحة الإبداع مثالية نقية لا غبش فيها أو أنها تتيح للمبدع فرصًا ملائكية لكنها في ذات الوقت مليئة بالهموم ونواب الحياة واحتياجات المثقف قبل احتياجات من حوله مُدُن أفلاطون ليست إلا وهما رسمه االحالمون بعيَشٍ كريمٍ لا يركن للابتذال لا مساومة الأخلاق ولا تركيع الثائر في وجه الفساد والطغيان من فئات لا ترقب إلا ولا ذِمَّة.. فهذا حال المثقف العربي أينما حلَّ أو ارتحَل! أما معضلات وهموم المثقف المحلي فأصبحت تنافس غيره من مثقفي البلد الأخرى وانساقَ المثقّفُ المواطن خلف وهْم التأثير رغم إدراكه بخلاف ما يكتبه أو يمليه عليه ضمير الواقع وليس ضمير المثقف بالرغم من أنه لا ينفصل عن مجتمعه. لقد أخذت هموم المثقف الحياتية قدرته على الإبداع والجمال وأصبح في كدٍّ وكَبَدٍ وكمَدْ وحتى يغدو المثقف ذا تأثير في محيطه ومنافسة المبدعين لا بُدَّ مِنْ وعيٍ مُتَقدِّمٍ فِكْرًا ومَعَاشًا وحياة لا أحاول تسْمين رؤيتي كي اتباعها في سوق الحُداة والمنشدين على لياليهم وليست ليلة وحدها! من معوقات المثقف أنه بدلاً أن يشتغل بالإبداع والجمال انشغل بهم عيشه وأسكنه ومرض وكأنَّه لزامًا على كل مثقّفٍ أن بمُرَّ بهذا الشَّجَنْ حتى يُصَنَّف مبدعًا وكأنَّ الناسَ قد درَجُوا واستحْسنوا فكرة الألم والمعاناة كيْ تحظى بالعمل والقبول. عوائق الثقافة انتقلت وتَبَدَّلت من مِن القراءة والاطلاع والبحث والإدراك إلى مسار آخر حسب الطلب وربما نجد تطبيقًا لواقع الحال (المخرج وربّما المهرِّج عاوز كذا).. فالهم الثقافي ينطلق من إحساس عميق بحاجة التَّغيير في أنماط وسلوكيات المجتمع ومنها أنه ليس بالضرورة أن يكون المثقَّفُ أديبًا أو شاعرًا أو مبدعًا في حرفه فقط بل حينما يشعر بما يحتاجه مجتمعه في حالات التَّنْوير والتَّبْصير والإدراك بأنك في دائرة الحياة وليس خارجها. مِنْ مشكلات بعض المُثقَّفِين أو المُنْتَسبين إليها هو وهم العيش في أبراج عاجيَّةٍ وواقع حالهم يقول (صَلَّى ولَمْ يتوضأ) ويُشبِهون كثيرًا أولئك الذين يُفتُون ولم يحفظوا آية! المُثَقَّفُ حالةُ إبداعيّة مَتى تلَبَّسَ جِلْبَابًا لا يليقُ به انْتَفَخَ حتّى نَسِيَ أنه مِنْ بيني البشر.. أليس كذلك؟