في السنوات الأخيرة ومع تباطؤ نمو أرباح البنوك السعودية من نشاطاتها الرئيسية المتمثلة في العمولات الخاصة من الإقراض والودائع، بدأت البنوك السعودية مؤخراً بانتهاج أسلوب جديد لتحسين أرباحها من خلال فرض أسعار صرف «غريبة» على العملات الأجنبية تعتمد على زيادة «فاحشة» في هوامش الربح من تحويل العملات أمام الريال السعودي حيث بلغت الآن نسبة النمو السنوي لأرباح البنوك السعودية من تحويل العملات الأجنبية ما بين 12 إلى 20 بالمئة بينما لا يتجاوز متوسط نمو أرباحها المجمعة من كافة الأنشطة (التشغيلية وغير التشغيلية) نسبة 1 بالمئة فقط وهذا مثبت في القوائم المالية التي تعلنها البنوك رسمياً !! للتوضيح أكثر، فبالرغم من المجهودات البطولية التي تقوم مؤسسة النقد مشكورة بتثبيت سعر صرف الريال السعودي أمام الدولار الأمريكي عند 3,7500 إلا أن هناك بنوك سعودية قامت مؤخراً بزيادة سعر التحويل من وإلى الدولار بهوامش ربح إضافية عن السابق لا تقل عن 50 إلى 100 نقطة أساس حتى وصلت هذه الهوامش في البطاقات الإئتمانية لنحو 250 نقطة أساس وليصل سعر التحويل إلى الدولار قرب 3,800 !!! وعند الحديث عن سعر تحويل الريال السعودي أمام العملات الأجنبية ذات السعر العائم (مثل اليورو والإسترليني) فهوامش الربح التي تطبقها البنوك السعودية من تحويل هذه العملات في الإتجاهين بلغت اليوم مستويات لا تقل عن 2,000 نقطة !!! وبالتأكيد هذه الهوامش لا يقبل بها أحد ولا يوجد ما يبررها بأي حال من الأحوال. المضحك في الموضوع أن فرض هذه الزيادة «الغريبة» و»المفاجئة» في هوامش الربح على تحويل العملات الأجنبية تزامنت مع إرسال البنوك السعودية لرسائل متكررة على الهواتف والإيميلات الخاصة بعملاءها تحذرهم فيها من تنفيذ عمليات الشراء خارج المملكة بالريال السعودي من خلال بطاقات الصرف الدولية والبطاقات الائتمانية وتنصحهم بقبول عمليات الشراء هذه بالعملة المحلية في كل بلد وذلك حتى تنفرد البنوك السعودية بحق تحديد سعر التحويل دون البنوك الأجنبية ويا لها نصيحة !!! وكأنها تريد أن تقول لعملائها «دعونا نربح منكم أكثر» أو «لا تدعوا غيرنا يربح منكم لأننا الأولى بذلك الربح» !! وعندما نقارن ممارسات البنوك الأجنبية في تحديد هوامش ربحها من تحويل العملات مع ما تقوم به البنوك السعودية اليوم من ممارسات، سنجد أن كثيرا من البنوك الأجنبية حول العالم تعرضت في السابق لأزمات مالية متعددة وخطيرة حققت خلالها خسائر مالية و(كاد البعض منها أن يفلس) إلا أنها لم تلجأ لزيادة هوامش ربحها من تحويل العملات على حساب عملاءها وبقيت الهوامش عند مستويات مقبولة طوال تلك الفترات الصعبة. وهنا اسمحوا لي أن أسأل: ماذا لو تعرضت بنوكنا (لا قدر الله) لأزمة مالية بسبب تخلف المقترضين عن السداد؟ هل سنجد سعر تحويل الدولار عند 3,9000 مثلاً؟ أو سعر تحويل اليورو عند 4,900 بينما سعره الحقيقي لا يتعدى 4,200 ؟ وما ذنبنا في تحمل خطأ ارتكبته إدارات تعمل في بنوكنا ؟ الخطير في هذا الموضوع أنه في الوقت التي تسعى حكومة المملكة - وفقها الله - جاهدة لجذب الاستثمارات الأجنبية ضمن الرؤية السعودية 2030م، نجد أن سعر التحويل من العملات الأجنبية إلى الريال السعودي تضمن زيادة غير منطقية في هوامش الربح وخصوصاً على الدولار الأمريكي مما يشكل عائقاً حقيقياً في جذب هذه الاستثمارات إلى المملكة !! والأخطر من ذلك، أنه في الوقت الذي تؤكد فيه مؤسسة النقد مشكورة وبشكل متكرر على سياسة تثبيت سعر صرف الريال أمام الدولار للحد من المضاربات الغير مبررة على الأسعار الآجلة للريال، سيجد هؤلاء المضاربون الآن - وإن اختلفنا معهم في ذلك - ما يبرر لهم تصرفاتهم الخاطئة مع الأسف الشديد قبلنا بذلك أم لم نقبل !!