شكراً وشكراً وحدها لا تكفي شخص بحجم قامته وأحد هامات رياضة الوطن وهو الأمير نواف بن محمد الرئيس السابق للاتحاد السعودي لألعاب القوى والذي تم إعفائه مؤخراً بقرار من رئيس هيئة الرياضة الأمير عبدالله بن مساعد وأتى قرار الإعفاء أو الإقالة على خلفية الإخفاق في أولمبياد ريو بعد أن خرجت بعثة المملكة من هذا المحفل الرياضي الهام دون تحقيق أي إنجاز للوطن وبسبب مطالبات الكثير، وتحمل الرجل بشجاعة الكبار وغير مستغربة المسؤولية وقرار إعفائه بصدر رحب، والأمير نواف بن محمد هو عراب ألعاب القوى السعودية ومؤسس إستراتيجيتها الحديثة وهو من وضع لبنات فلسفتها بعد أن تصدى للمهمة الأكبر، إذ تم تعيينه عام 1992م رئيساً لاتحاد ألعاب القوى وكانت حينها ألعاب القوى مغمورة جداً في أوساط المجتمع ومن هنا بدأت قصة الرجل وتحديه وفريق عمله ورهانه على مواصلة مهمة قيادة السفينة والإبحار بها نحو تحقيق الآمال والتطلعات وفي سبيل تحقيق طموحاته وطموحات القيادة الرياضية التي أوكلت له هذه المهمة عقد شراكة مع العديد من المؤسسات ذات العلاقة ومنها وزارة التعليم بغية نشر ثقافة ألعاب القوى بين طلاب المدارس واستشراف مدى تقبلهم لهذه الألعاب واكتشاف مهارات الطلاب ومواهبهم وصقلها وقد تم التعاون مع قرابة خمسة وزراء تعاقبوا على وزارة التعليم، وخلال 24 سنة قاد فيها ألعاب القوى لتحقيق أكثر من 1700 ميدالية متفرقة بين ذهب وفضة وبرونز حققها أبطال ألعاب القوى تحقق خلالها الكثير من الإنجازات التاريخية الهامة، وبدأت حكاية الإنجازات وتحقيق الميداليات عام 1990م، إذ حقق البطل سعد شداد برونزية سباق 3000م في بطولة العالم، وأما الميداليات الذهبية فكانت أول من حققها هو العداء مخلد العتيبي أثناء مشاركته في دورة الألعاب الآسيوية بعد تتويجه بثنائية نادرة بفوز بذهبيتي سباق 5 آلاف و10 آلاف متر، أما أبرز الإنجازات فكانت ما حققه البطل هادي صوعان بفوزه بالميدالية الفضية عام 2000م في أولمبياد سيدني في سباق 400م حواجز، وهذه الإنجازات ما هي إلا مجرد النذر اليسير من إنجازات ألعاب القوى السعودية في عهد الرجل القوي الأمير نواف بن محمد والذي كانت قيادته لألعاب القوى غير عادية، فقد كانت علاقته باللاعبين أكثر قرباً مما نتصور وكان باب منزله مفتوحاً لهم لحل مشاكلهم وإشكالياتهم وكانت هذه علامة فارقة وميزة له مما جعل مكانته بين الجميع مختلفة، وقد شغل الأميرنواف بن محمد خلال الفترة الماضية عدة مناصب عربية وآسيوية ودولية وآخرها رئيس لجنة التطوير في الاتحاد الدولي لألعاب القوى وما هذا إلا دليل على ما يملكه الرجل من خبرة وفكر ساهم بها في دفع مستوى الوعي بألعاب القوى وأهميتها في الداخل، رجل بحجم الأمير نواف بن محمد حتماً مكانته محفوظة وسط صفحات الرياضة السعودية المضيئة بما قدمه لرياضة وطنه وما حققه من إنجازات ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ الرياضي. إخفاق ريو.. مسؤولية الجميع انتهى حفل أولمبياد ريودي جانيرو أو نزهة ريو بالنسبة لنا كما أطلق البعض عليها وجنت المنتخبات والدول حصادها وما حققه لاعبوه ومنتخباتها فيه، فمنهم من حقق الذهب والبعض الفضة وآخرون اكتفوا من مولد ريو بالبرونز كلاً حسب عمله واجتهاده واستعداده لهذه التظاهرة العالمية، أتت الولاياتالمتحدة على رأس القائمة واعتلت بينما تذيلت الإمارات القائمة وبينها دول وسطيات ورأينا دولا في القائمة لم نسمع بها من قبل ولكنها حضرت بأبطالها وفق التقرير اليومي الذي أمتعتنا به صحيفتنا الأولى الجزيرة عن أحداث ريو من وجبة دسمة وما تحقق، وها نحن كالعادة نخرج من المولد بلا حمص في حصاد النهاية وهذا مع الأسف ما دأبنا عليه كل مرة وليس في حصاد النهاية فقط، بل في كل شيء، فبعد انتهاء مشاركة المملكة أخذ الجميع يحلل ويفند والبعض يولول من النتيجة النهائية في كلاكيت كل مرة تخرج منها، بل ذهب البعض بعيداً وشطح بمطالبته بإقالة رئيس اتحاد القوى الأمير نواف بن محمد عندما رموا الإخفاق وسببه في شخصه بسبب إخفاق لاعبي القوى المشاركين في الأولمبياد بتحقيق المأمول، متناسين أنه واحد من أهم وأنجع رؤساء اتحاداتنا الرياضية مقارنة برؤساء بعض الاتحادات الأخرى والتي نسمع جعجعة تصاريحها ولم نرى طحين أفعالها ونتائجها، فالمهم النتائج وما تحققه والغريب في أمر إعلاميينا ومحللينا الذين طاروا في العجة عقب الإخفاق في هذا المحفل الهام ولكنهم للأسف لم يأتوا بالحلول الناجعة ولم يوضحوا أسباب الإخفاق وبالتالي يضعون الحلول المناسبة وكيفية الوصول للهدف الأسمى وهو إيجاد وصنع البطل الأولمبي ومدى الاستفادة من الموارد المالية والبشرية الهائلة والمواهب الكبيرة التي لدينا ويزخر بها المجتمع، فالعديد من الهوايات التي نراها لدى البعض من شبابنا لا يتم استغلالها والاستفادة منها وتنميتها بالطريقة المثلى والتي من الممكن أن تؤتي ثمارها في مجالات عدة وبالتالي تذهب سدى وتهدر طاقاتهم دون أن يستفاد منها وماذا عملنا بغرض زرع وتنمية مواهبنا ومن ثم صقل مواهبهم وما هو دور البقية في هذه المسألة وأقصد هنا بالبقية جميع مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى من مدرسة ونادي وبيت وغيرها فصناعة البطل لا تقع فقط على عاتق المؤسسة الرياضية بل هي مسؤولية مشتركة الكثير والجميع يتحمل مسؤوليتها، ونتمنى أن يكون إعفاء الأمير نواف بن محمد من اتحاد ألعاب القوى مؤخراً وهو الخبر في هذا المجال وبعد (24) عاماً حقق فيه الكثير لرياضة الوطن وإن أخفق مؤخراً فلا يتحمل مسؤولية الإخفاق وحده بل الجميع أتمنى أن يكون إعفاءه للتجديد في اتحادات الألعاب المختلفة وليس ناتجا عن ضغوط ومطالبات ظهرت على السطح مؤخراً، فما قدمه الأمير نواف بن محمد لا يمكن أن ننساه أو يمر مرور الكرام.