قالها الواعظ - محمد بن عبيد الله الكوفي، حينما شاهد مأساة خيانة بن العلقمي للدولة العباسية - واتلاف أعظم مكتبة على وجه الارض في النهر. حتى ان الخيل تمر على الكتب كجسر في وسط النهر. قصة خيانة ابن العلقمي لا تخفى على أحد من الأولين والآخرين، ويكفيه قبول دعوة عليه من قلب مخلص لدين الله. وقد هلك حقيراً مذموماً كفنه الخيانة، وحنوطه الذل والخزي. وإرثه عار وشنار لحق به وتابعيه إلى يوم الدين..ولم تبق لابن العلقمي إلا قبح الفعل ونتن الرائحة، وانحطاط المنزلة. لما قام به من تسهيل بحيلته وخداعه وخيانته وغدره دخول التتار لبغداد. بسبب تطرفه وحقده على أهل السنة والجماعة. الاستدلال بقصة ابن العلقمي يوجب الحيطة والحذر. ابن العلقمي كان ذا حظوة عند الخليفة المستعصم حيث استوزره. فاتخذ ابن العلقمي من مكانته سبيلاً للخيانة. وتسهيل دخول التتار لبغداد. ولم يكن له من خيانته الا مجد تخلد بالعار والذل وانحطاط المزلة، فقد انزله التتار منزلة الخادم لأصغر خادم عندهم. وهذا هو الأمر الطبيعي من الإنسان العاقل. فلا يمكن أن يثق بمن خان أمته ووطنه - يروي السبكي - رحمه الله - طرفًا من تلك الإهانات فيقول: «وأما الوزير -أي ابن العلقمي- فإنه لم يحصل على ما أمَّل وصار عندهم أخس من الذُّباب، ويحكي أنه طُلِب منه يومًا شعير، فركب الفرس بنفسه ومضى ليُحصِّله لهم، وهذا يشتمه وهذا يأخذه بيده، وهذا يصفعه بعد أن كانت السلاطين تأتي فتُقبِّل عتبة داره، والعساكر تمشي في خدمته حيث سار من ليله ونهاره. وإذا بامرأة تراه من طاقٍ، فقالت له: (يا ابن العلقمي، هكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين ؟! الإنسان محكوم بطبعه، والعامة صاغت قاعدة يُستدل بها،حتى لا يقع الناس في سوء التقدير فقالوا: الطبع يغلب التطبع. ومن الأدلة التي ساقوها لصحة قولهم: الطبع يغلب التطبع. قولهم: دف « أي ادفع « الحمار يطأ رجلك. طبيعة الحمار العناد لا ينقاد إلا بالعصا، فإذا حاول أحد دفعه يميناً أو شمالاً برفق رأفة به من العصا. عكس الفعل بالاندفاع بثقله للاتجاه المعاكس. «عند الحمار» «قاعدة لكل فعل ردة فعل تساويه في القوه وتضاده في الاتجاه «قاعدة عاملة محفوظة. حينما تدفعه يميل نحوك فيدعس على قدمك. وفترة شبابنا ثرية بالتجربة. والخيانة مطية الغادر، ولا تكون الخيانة في شخص إلا ويكون منافقاً موصوف بالنفاق. {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (145) سورة النساء، فالمنافق يتربص بك، إن ائتمنته خانك - وان عاهدك غدر بك - واذا حدثك كذبك. فهل يمكن أن يكون لمن هذه صفاتهم حظ من التمكين؟ منذ بدأت حركة الحوثي وهي تنطوي على اتفاقات ومواثيق بينها وبين الحكومة اليمنية (حليفهم المخلوع) ولم يفوا بوعد أو عهد. في المؤتمرات في سويسرا وفي الكويت، مررواً الكثير من الوعود، وعملوا في الواقع على عكسها.» قاعدة الحمار» وحيث استنزف كل أمل بأن ينصاع الحوثي وحليفهم المخلوع لتسوية سياسية تحقن الدماء،على مبادئ مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية - خاصة القرار 2216. ولما لم يبق إلا إرغامهم على ما كرهوه ورفضوه، وقد بدت بوادره. فإن تضمين وثيقة استسلامهم وتسليمهم لا بد وأن تتضمن بنودا بتجريم وتحريم ممارستهم للعمل السياسي مستقبلاً بأي صورة من الصور، أو حمل السلاح والتبشير الطائفي بفتح المدارس والمعاهد، والاتصال بأي أطراف خارجية دولا أو أحزابا وجماعات. لا بد وأن تكون نهايتهم نهاية أسوتهم ابن العلقمي. فإن كان ركب فرس كخادم يطلب الشعير لجنود سيده. فأركبوهم الحمير التي مارسوا طبعها في العناد. انزلوهم منزلة أسوتهم. إن كانوا كما يقال مكون اجتماعي يمني. فغيرهم من المكونات الاجتماعية اليمنية أكثر منهم عدداً، لم يخونوا ولم ينكثوا بوعد أو يغدروا بعهد أو يستعينوا على الحق بالباطل. أو يحملوا السلاح ضد الوطن والمواطن مثل هؤلاء أولى بالتمثيل من عملاء أعداء الأمة والوطن. الذين لم يتركوا علامة واحدة على تغولهم في الخيانة والتملي بإملاءات أعداء الأمس واليوم والغد وما بعده إلا وأظهروها جلية في مواقفهم. وهو ما يجب ألا يترك لهم منفذ ينفذون منه ليعيدوا الكرة. فالخيانة والعمالة في دمائهم وسجية من سجاياهم المفضوحة.