تسامت بمهمتها واستسمت باسمها فاتسمت بالكفاح واستلهمت الفلاح وشكلت «نموذجاً أنثوياً نادراً» و»قدوة نسائية منفردة» رسمت تجربتها بمداد الصبر ووثقت مسيرتها بعتاد العبر.. إنها الدكتورة سامية العمودي استشارية النساء الولادة والباحثة والكاتبة والمؤلفة والناشطة والمرأة الحديدية التي وصلت قصتها لكل قارات العالم. بوجه تغلب عليها الملامح «الحجازية» ويسكنه وقار الصابرات وبعينين تشع أملا وسحنة علمية تتشاطرها السكينة والبراءة وبلكنة جداوية مختلطة بصوت جهوري ورثته من والدها ولطف جائل زرعته فيها والدتها وبعبارات تملؤها الحكمة تشربتها من بيت «العمودي» الشهير بالتجارة والخلق والخير تتشكل واجهة الطبيبة سفيرة المريضات خبيرة العمل الدؤوب ومؤلفة القصة الأشهر «عالميا» في مكافحة المرض وقهر الداء العمودي مزيج من العلم والحلم وامتزاج جمع الأمل والألم. فتحت للسعوديات طريقا أزالت فيه أحجار «الخجل» وألغام «الوجل» بورود «الجرأة الناجحة» وزهور «المرأة المكافحة» مسحت من قاموس النساء عبارات الإنزواء وراء العزلة وعززت من حقوق المرأة صحياً واجتماعياً. مات والدها وهي طفلة ورثت عنه السخاء والرخاء فكانت تارة تكتب آمالها الصغيرة في كشكولها الصغير وتارة أخرى كانت ترسمه على كراس التربية الفنية ليقينها أن الأمنيات فن يبدأ بفكرة ويتحول إلى هدف. حول اليتم المبكر العمودي إلى فتاة معجبة بوالدتها تقاسمته حبا وعطفا كبيرا كان يغدق عليها من أمها وخالها اللذين توليا رعايتها وتربيتها. تخرجت العمودي ضمن أول دفعة خريجات الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة. ونالت الزمالة العربية في اختصاص النساء والتوليد عام 1987م. لها العديد من الأبحاث العلمية في مجال النساء والتوليد وكذلك في مجال سرطان الثدي والحقوق الصحية منشورة في المجلات العلمية المحلية و العالمية. وهي عضوة في العديد من اللجان العلمية البحثية والإعلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. باحثة ومهتمة بالطب الإسلامي وأخلاقيات المهنة والمدير التنفيذي لمركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في رعاية سرطان الثدي ورئيس وحدة التمكين الصحي والحقوق الصحية بكلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. للعمودي سيرة مضيئة مليئة بالأوسمة والتكريم محليا وعربيا وعالميا حتى باتت حديث الإعلام الأمريكي ومثار «إعجاب» القيادات والشخصيات والمؤسسات الكبرى في الغرب كامرأة شرقية عربية ومسلمة أنتجت قصة نادرة سردتها بواقعية وأنتجتها بحقيقة باهرة وأخرجتها بشجاعة مبهرة. حصلت على جائزة وزارة الخارجية الأمريكية لشجاعة المرأة عالميا وتم اختيارها على مستوى الشرق الأوسط وتكريمها ضمن أشجع عشر نساء على مستوى العالم في 7 مارس 2007 في الولاياتالمتحدةالأمريكية تم إنتاج فيلم وثائقي (كسر حاجز الصمت) عن قصتها مع سرطان الثدي تم منحها وسام الشجاعة من الجمعية السعودية واحتلت المركز الحادي عشر في قائمة العلماء العرب الأكثر تأثيرا وعلى المركز 122 في قائمة ال500 أكثر شخصية مؤثرة في العالم العربي. تم اختيارها ضمن قائمة الأقوياء العرب في مجلة أرابيان بيزنس خمس سنوات متتالية. تمت دعوتها من قبل منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم في باريس وألقت كلمة عن دور المرأة العربية في الطب والعلوم وصدر لها كتابا «مذكرات امرأة سعودية» و»تمكين الفتيات صحياً نفسياً» ولها كتاب تحت الإعداد بعنوان «التمكين الصحي والحقوق الصحية». أصيبت العمودي عام 2006 بسرطان الثدي لتحول محنة المرض إلى منحة إنسانية وزعتها بإيمان وسلوان لتوعية أطياف المجتمع بالمرض لذا بات لها نشاطها المحلي والدولي في مجال صحة المرأة وسرطان الثدي وفي مجال التمكين الصحي وحقوق المرأة الصحية لتكون أول ناشطة في مجال الحقوق الصحية للمرأة. تسلحت بالدعاء وتجندت بالعطاء فقهرت «المرض الخبيث» ونجت منه مرتين عندما داهمها مرة أخرى قبل عامين. من النادر جدا أن تجد أما دعما من طفلين في محنة مرض ولكن القصة سطرها ابنا العمودي عبدالله ابن الثالثة عشرة الذي قام بحلاقة شعره ليواسي أمه عند علاجها بالكيماوي وابنتها إسراء ذات التسعة أعوام عندما قدمت لأمها عشرات من الريالات لتدعم أمها التي اضطرت لبيع منزلها لتغطية تكاليف العلاج فعوضت أعواما مديدة من العمر لترى الداعمين الصغيرين في مستويات متقدمة في كلية الطب. عندما تذكر المرأة السعودية فلابد أن تكون العمودي «عاملا مشتركا» وحينما تسرد قصص الإرادة فلا مناص من ذكر العمودي كرقم فردي يقبل القسمة على كل الأرقام التي سبقته أو لحقته.. وريثما يكتمل عقد النساء القويات فإن العمودي كانت من أوائل المؤسسات ببدايات أمل ونهايات عمل ستظل تكتب بعنوان العظة وتفاصيل العبرة وخاتمة ستظل طريقا مفتوحا يكتب على طريقتها هي فقط.