حينما يتحول الأمل الذي هو الخيط الرفيع بينك وبين حلم تعتبره ذاتك إلى جسد مسجى على نعش الليل فإنك ستجد نفسك مضطرًا إلى مسامرة رثاء نفسك على شرفة السكون. «حمل الغروب جنائز الأضواءِ هكذا بدأ الشاعر د.سعود اليوسف قصيدته «هذا الصمت مبحوحًا وهذه أصداؤه»، واستلهم في متن القصيدة حيثيات مضامين المصطلحين: الضوء الرثاء، الضحى الليل، الأسئلة الحيرة، الأمل الظلام. «وما زلت أبكي لأقنع جرحي أن يستريح»-طارق أبو عبيد. كما أن هناك ما يسمى بتراسل الحواس هناك ما يسمى بتراسل العواطف ينتشل الشاعر مواجعه من خلف ستار الدجى ليصنع منها أغنيةً لعلها تكون دواءً للحالة التي هو فيها، لكنه ما إن تمكن الشعر من كيانه وأصبح لا ينفك عنه، يلجأ إليه كلما أصابته نائبة صعب عليه التخلص منه بحثًا عن حل آخر: «وإذا تطلبت الدواء بحرقة استلهام الماضي. ما إن يسههب الشاعر في التماهي مع التياعات أحزانه حتى يسير بنا في منعرج الفكر؛ إذ يخاتل التراث معتدًا بلغته يستنطق ثقته الشعرية من حِكَمِه على طريقة السبب والنتيجة: «وإذا تطلبت الدواء بحرقة رقصة البيد. وفي ظل الصراع بين الأسئلة والصدى في عقل مجدب تلتف فيه الحيرة على غصن الليل تنتظر إشراقة ضوء إذ باستفهام كبير يحيل البيد إلى واحة، يُصير حالة الشك والظن المربك إلى الظن المستساغ الذي يتصالح مع الأمل دون أن يمتلك القدرة على تغييره، يتصالح مع الأمل باعتباره متطلبا من متطلبات الحياة وليس ظاهرةً متغيرة حسب التفاتات الطرق. كثيرًا ما كان الشاعر يلح في هذه القصيدة وغيرها على غربة الشاعر في مفارقة عجيبة بين كون الشعور هو الوطن وبين كون الشعر هو المنفى يقول في هذه القصيدة «وطن شعورك غير أنك شاعرٌ وفي سياق هذه المفارقة يقول في قصيدة أخرى تحت عنوان: «البحث عن منفى أو حتى عن وطن»: «إلى كم تفتش عن موطنٍ أنت أنت الوطن متى تمنح الوطن الموعدَ تغني ولكن لمن أنت تشدو إذا شّح حتى بردِ أغانيك الشاحبات الصدى إذا أنت غنيت يكفيك أنك تطرب أنسًا لصوتك حين شدا» فهو يعتبر أن الشاعر بكيانه وبمشاعره هو وطن لذاته فإذا ما أصبح الشعور شعرًا وأخذ يبحث عن من ينصت لبوحه فهو قد انتقل إلى المنفى فلا شيء غير رجع الصوت.