جاء في الحديث: (إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات)؛ وجاء في حديث آخر: (لا تطلقوا نساءكم الا عن ريبة؛ فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات)؛ وجاء في حديث ثالث: (إن الله يكره الرجل المطلاق الذواق). كما أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إن أبغض الحلال عند الله الطلاق). وقد اشترط المشرع في تعدد الزوجات العدل بينهن؛ لذلك قال صاحب كتاب الروض المربع وهو أحد الكتب الفقهية المعتمدة عند الحنابلة: (ويُسن نكاح واحدة). من هذا نصل إلى أن من يستغلون إباحة الإسلام لتعدد الزوجات بغرض التذوق واشباع الرغبة الجنسية، ثم طلاق هذه والزواج من أخرى، هو من الممارسات المنهي عنها في الإسلام. بل ذهب بعض الفقهاء إلى أنها تتأرجح بين المكروه والحرام. وفي الآونة الأخيرة شاع ما يسمى بزواج المسيار، وأقل ما يقال عنه أنه ضرب من ضروب زواج التذوق وإشباع الرغبة الجنسية للرجل والمرأة، المنهي عنه شرعاً كما في الأحاديث التي أَوردت؛ وربما أنه أصبح لبعض النساء مصدرا للإتجار بالزواج، بغرض التكسب المالي. وهذا لا يمكن لفقيه ضليع يُدرك أن من أهم أصول الفقه قاعدة (الأمور تدور بعللها وجوداً وعدماً) أن يبيحه، لأن العلة من إباحة الزواج كما يقرره الشرع الحنيف، ليس فقط المتعة الجنسية، وإنما بناء أسرة وذرية تكون نواة المجتمع، واستمرار بقاء الجنس البشري على الأرض؛ فإذا اختلت هذه القاعدة، يختل باختلالها إباحة أي نوع من الزيجات التي قد تفضي إلى المنهي عنه بالإسلام. ومن خلال بعض الممارسات وما نراه ماثلاً للعيان فقد تحول (زواج المسيار) إلى ظاهرة سلبية قميئة منحطة خلقا ودينا بكل ما تحمله الكلمة من معنى, فضلاً عن أنه مهد الطريق وسهله للتعدد طلباً للتذوق وليس لبناء أسرة؛ فأصبح كثيرون كما يقولون يتزوج من هذه برهة من الزمن بنية الطلاق، وإذا أشبع غرائزه الجنسية البهيمية منها هجرها، فتضطر إلى طلب الطلاق، فيشترط أن ترد إليه المهر الذي دفعه إليها قبل الزواج، فتقبل طلباً للحرية، وتدفع له ما دفعه لاستباحة فرجها، فيُطلقها ليتزوج بما استرده من الأولى بأخرى ويمارس معها ذات الأسلوب الذي مارسه مع التي قبلها، وهكذا دواليك. وقد لفت نظري (سناب شات) للأستاذ المحامي «عبدالرحمن اللاحم» يطالب فيه بتفعيل قاعدة (تقييد المباح) لكبح جماح الذواقين والذواقات، الذين امتهنوا هذا الشأن الاجتماعي، وانحطوا به إلى درك قد يصل إلى مستوى التحايل لممارسة الزنا المحرم بهذه الممارسة الذرائعية؛ ولتحقيق الضبط الاجتماعي، فمن حق الحكومة أن تشترط على كل من أراد التعدد، أن يتقدم (أولاً) إلى القضاء لإثبات ملاءته المالية، بحيث يستطيع أن يفي بالالتزامات المالية المترتبة عليه من الزواج بثانية. الأمر الثاني والمهم أن يتأكد القاضي من أنه ليس بذواقة هدفه فقط إشباع رغباته الجنسية، وهذا ممكن وببساطة من خلال (سجله المدني) الموثق لدى الأحوال المدنية. كذلك يطلب القاضي من طالب التعدد أن يقدم ما يثبت معرفة زوجته وأبنائه بقرار التعدد، ولا يبقى سرياً كما يفعل بعض ضعاف النفوس. إذا تحققت هذه الشروط الثلاثة لدى القاضي، يقوم بإصدار صك شرعي يبيح له التعدد؛ ولا يمكن لمأذون الأنكحة أن يجري عقد النكاح ما لم يقدم الزوج صكاً شرعياً يسمح له بذلك. بهذه الطريقة نضمن أن من يقدم على الزواج بثانية لا يكون إلا جاداً، يحتاج إلى التعدد، وليس ذواقاً. إلى اللقاء