تحدثت في مقال سابق عن أهمية منصب نائب الرئيس الأمريكي، ولذا يحرص كل مرشح رئاسي على اختيار مرشح مؤهل سياسياً، ليقوم بالأدوار المناطة به، وليتسنم منصب الرئيس في حالة وفاة الرئيس أو عزله، ويهتم المواطن الأمريكي بهوية المرشح كنائب للرئيس، والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، يمر بوقت عصيب، هذه الأيام، ولذا فهو حريص على اختيار شخصية سياسية مقبولة كنائب له، وقد تم طرح عدة أسماء لتحظى بهذا الشرف، فقد تم طرح اسم رئيس مجلس النواب السابق، نيوت جينقريتش، وهو شخصية سياسية محافظة، ومع أنه عمل طويلاً كعضو في مجلس النواب، إلا أن ما يعيبه أنه ليس بعيداً عن ترمب، أي محافظ جداً، ولا يتورع عن تجاوز الخطوط الحمراء، وربما يسبب هذا مشكلة لترمب، إذ سيبدو هذا الثنائي وكأنه يريد إعادة التاريخ الأمريكي إلى الوراء، أيام سياسة الفصل العنصري، وهي الفترة التي لا يريد الأمريكيون حتى مجرد ذكراها المؤلمة. أيضا، يتم الحديث عن حاكم ولاية نيوجرسي، كريس كريستي، كنائب محتمل لترمب، وهذا السياسي له حكاية عجيبة، فحتى وقت قريب، كان سياسياً بارزاً، بل ومرشحاً للرئاسة، وبالفعل، فقد ترشح للرئاسة، ولكنه خذل الجميع، ثم انسحب من السباق، وأعلن دعمه لترمب، وحكايته هي أنه عاقب عمدة إحدى مدن ولايته، الذي رفض دعمه سياسياً كحاكم للولاية، وكانت عقوبة العمدة، ولا تزال، مجال تندر، إذ إن الحاكم كريس كريستي أوعز لمساعديه بأن يغلقوا أحد الطرق الرئيسية في البلدة، وهو ما تسبب في زحام شديد، تعرض على أثرها عمدة تلك المدينة للتقريع، ثم اتضح أن هناك مؤامرة حاكها حاكم الولاية، وقد تسببت هذه الفضيحة في تشويه سمعة كريستي بشكل كبير، وقتلت طموحاته السياسية في مهدها، إلا إذا اختار ترمب أن يغامر باختياره نائباً له، فالاثنان قريبان من بعضهما، على المستوى الشخصي والفكري والسياسي. ثالث المرشحين كنائب لترمب هو الحاكم، مايك بنس، حاكم ولاية انديانا، وهو محافظ، وينتمي لشريحة المسيحيين الإنجيليين، أو الصحويين الأمريكيين، وترمب يحتاج هذه الشريحة، وسيخدمه بنس، ولكن هذا قد لا يكفي، فترمب يحتاج شرائح مجتمعية أخرى، قد يزعجها وجود هذا المسيحي الأصولي معه، ورابع الأسماء المرشحة، هو عضو مجلس الشيوخ، عن ولاية الاباما، جيف سيشون، ويتميز هذا السيناتور أنه من أشد المعارضين للهجرة، ما يعني أن اختيار ترمب له سيحرمه من أصوات اللاتينيين، وهي أصوات هامة لأي مرشح، وأخيراً هناك حاكمة ولاية أوكلاهوما، ماري فولين، التي تردد اسمها كنائبة محتملة لترمب، وربما أن ترمب يحتاج لسيدة كنائبة له، لكسب أصوات السيدات، إذ إن شعبيته في الحضيض لدى هذه الشريحة، ولكن السيدة فولين محافظة جداً، وهذا قد لا يعجب كثيراً من الشرائح الأخرى، وختاماً، أستطيع القول إن كل خيارات ترمب السابقة لن تخدمه، وربما عليه أن يفكر في اختيار نائب أو نائبة له، ممن لا يحملون أجندات محافظة، حد العنصرية، مثله، مع علمي بأن هذا لن يحدث، لأن السياسي المؤدلج لا يمكن أن يتخلى عن أجندته التي يؤمن بها.