الوعي صناعة وللدولة دور بالغ الأهمية فيه لهذا عليها إكراه الشعب على الوعي، نعم تكرهم عليه، وتحاصرهم به بسلطة القانون والتوعية، والترفيه، وبالاستثمارات الجادة في أفكار المثقفين، وأصحاب المواهب والنخب دون إقصاء للوعي الحقيقي بحجة أيديولوجية صاحبه. بداية تلقف المواطن للوعي إيمانه بأن الدولة جادة حازمة لتبني هذه الصناعة فيعرف أن لا مفر إلا برقيه ومساهمته في رفع وعيه، ووعي من حوله ليجاري الدولة والمحيط الذي يعيش فيه . دور الدولة في رفع وعي المواطن يبدأ من حثه على القراءة وتشجيعه لينهل من روافدها، و القراءة من المهارات الأساسية التي تُركّز عليها النُظم الحديثة فعلى التعليم أن يولّيها اهتمامه ويحث الطلّاب عليها من خلال ورش العمل لمناقشة محاور مجموعة من الكتب، وأيضًا من خلال المسابقات التي تُعنى بجوائز قيّمة لأفضل قارئ وأفضل مؤلف.وكذلك على الأسرة أن تهتم بهذا الجانب وتساهم في صناعة الوعي وتحث عليه من خلال إنشاء مكتبة صغيرة خاصة بالطفل تُشعره بأهميته كقارئ، أو من خلال الأجهزة الذكيّة _التي يُبدع في فك رموز ألعابها _ليقرأ قصة توسّع خياله وتنمّي قدراته،فيكبر ويكبر معه حب القراءة والاطلاع بدلًا من أن يجد نفسه فجأة مجبرًا على القراءة. لا أبالغ إن قلت أن سر الوعي وفهم الحرية «القراءة» لما لها من دور فعّال في حث العقل على التفكير، وتدبّر الأمور وتمحيص الأحداث، وهي قادرة على بعث الناقد المدفون في لجّة أعماقك. لأن القراءة تُنير عقلك وتفتح آفاقًا جديدة لك، يصعد من خلالها فكرك ليبلغ مراتبًا تؤهلك لفهم الحياة والناس بشكلٍ أفضل..تفهم الحياة من خلال تزويدك بتصورٍ معقولٍ عن مالك وماعليك، وكيف تأخذ ماهو لك وكيف تعطي ماهو واجبٌ عليك عطاؤه،كيف تفرّق بين مصطلحاتها التي تتشابك مع بعضها ويختلط حابلها بنابلها.وتفهم الناس من خلال منحك صورة انطباعيّة عنهم وعن دوافع سلوكهم ،مما يجعلك أكثر تقبّلًا وتفهمًا لأفعالهم، مُساهمًا في تقديم العون لهم. دور الدولة تجاه المثقف ووعيه رفع مستوى الحرية ودفعه لمزاولة حقوقه المدنية والسياسية ومنحه الثقة لجعله شريكا في القرار. السماح بإنشاء مؤسسات خاصة وحكومية تعنى بالبحث والاحصاءات على أن يكون عرض النتائج متاحا للجميع. شانتشال المثقف من عزلته والاحتفاء بانجازه، والعمل على ابرازه وظهوره في القنوات الفضائية والمحافل الدولية. انشاء جهة تهتم بالثقافة وحياة المثقف الصحية والمادية بدلا من الاستجداء الذي ينتهي بموت المثقف بالفاقة والمرض. - نادية السالمي