في السنوات الأخيرة بدأت الأسر في شرق المملكة خاصة. الأحساء والشرقية وحتى دول الخليج الاهتمام أكثر بالعودة للتراث والموروث والاهتمام بالعادات التاريخية الجميلة والتي كانت سائدة فيما مضى من زمن ومنها. احتفالية (القرقيعان)، حيث يحتفل الأطفال الصغار بهذه العادة في منتصف شهر رمضان المبارك وتبدأ الاستعدادات لهذه الاحتفالية مبكراً منذ بداية رمضان، حيث تهتم كل الأسر بتفصيل الفساتين والثياب لأولادها وبناتها وإعداد الأكياس القماشية من جهة وتجهيز (القرقيعان) الذي سوف يوزع على الأطفال الآخرين والذي يشتمل حسب إمكانات وظروف ومقدرة هذه الأسرة وتلك. كالمكسرات والحلويات وهناك من يضع نقوداً داخل كل كيسة (قرقيعانة) لا تقل عن 5 ريالات وربما وصل إلى 500 ريال. حسب حالة الأسرة المالية أو من باب التنافس والهياط.. ومع انتشار التقنية والسوشل ميديا راح البعض يستعرض من خلال نشر صور قرقيعان أولاده وبناته وما يحتوي عليه من تنوّع متميز وفاخر، بل راح البعض يرسل فتياته الصغيرات للمشاغل للعناية بهن وتزيينهن وعمل تسريحات مناسبة. وخياطة أفضل الفساتين التي تلفت الأنظار.. وهذا الاهتمام الكبير بالاحتفالية دفع بالمشاغل وبعض المحلات إلى عمل تصاميم خاصة «بالقرقيعان «مع تجهيز علب فاخرة تحمل صورة الطفل أو الطفلة المراد عمل الاحتفالية لهما. ومن هنا انتشرت ظاهرة تصوير الأطفال بصور خاصة تحمل عبارات. قرقيعان (....) مع إهداء وحتى كلمات شعرية أو عبارات يتم اختيارها بدقة وبصورة فنية. كل هذا من أجل أن يُقال إن قريقعان فلان أفضل وأحسن. وتجدر الإشارة إلى أن بعض تكلفة قرقيعان أحد أطفال أسرة خليجية شهيرة بلغت 170 ألف ريال وأكثر.. وباتت تجارة (القرقيعان) تدر الملايين على أصحابها، حيث يعد ويجهز حسب طلب الأسرة. بدءاً من نوعية الأكياس أو العلب التي يوضع فيها مروراً بتصميم الملابس التراثية.. ووصولاً إلى القيام بتوصيلها إلى البيوت والمنازل.. بل وصل الأمر إلى إرسال القرقيعان في البريد الخاص.. عبر القارات! ولا يمكن أن ننسى دور الجمعيات الخيرية والنسائية في تكرار الاحتفاء بالقرقيعان من خلال تضمينها برامجها وفعالياتها المختلفة كذلك دور مهرجان الجنادرية، حيث استعرض أطفال الأحساء احتفالية القرقيعان ضمن المهرجان التراثي والثقافي الكبير..! ففي ليلة ال15 من الشهر يقوم الأطفال بعد صلاة المغرب بجولة على مختلف بيوت الحي. وهم في أجمل زينة ولباس حاملين على صدورهم أكياساً قماشية مخاطة. ويتجول الأطفال أولاداً وبنات على هذه البيوت وهم يرددون أهزوجة شهيرة. بعدما يقفون أمام هذا الباب أو ذاك مرددين هذه الكلمات: قرقع. قرقع قرقيعان؟ أم قصير ورميضان عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم عادت عليكم صيام كله سنة وكل عام يا الله تسلّم ولدهم يالله خله لامه عسى البقعا ماتضمه عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم يوديكم لأهاليكم ويلحفكم بالجاعد عن المطر والراعد هذا وفي حالة عدم الرد وإعطائهم (القرقيعان) يقومون بالسخرية من البيت وأصحابه. لكن في المجمل لا يحدث هذا إلا نادراً.ومع هذا ورغم هذا يظل الاحتفال بالقرقيعان عادة تاريخية يعشقها الجميع الكبار والصغار. الكبار لأنهم يتذكرون طفولتهم وهم يرددون أهزوجة (القرقيعان) والصغار وهم يعيشون ليلة من الفرحة والبهجة. وكل قرقيعان وأطفالنا الأحبة بخير!