سنرى كيف سيكون تأثير البدء في تطبيق رسوم الأراضي البيضاء على سوق العقار وأسعار الأراضي بعد أن وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة المنعقدة الأسبوع الماضي على اللائحة التنفيذية للنظام. وقد صدرت صحف الأربعاء الماضي تحمل بعض تفاصيل الإجراءات المتعلقة بتطبيق المرحلة الأولى من النظام في ثلاث مدن رئيسية هي الرياضوجدة والدمام، وتشمل الأراضي غير المطورة المخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري بمساحة عشرة آلاف متر مربع فأكثر والواقعة ضمن النطاق العمراني في كل مدينة من المدن الثلاث وفق الخرائط المرفقة مع الإعلان الصادر عن وزارة الإسكان. لقد كان هذا القرار حلماً ينتظر تحققه المواطنون المتضررون من تفاقم مشكلة السكن بسبب الأسعار الفلكية للأراضي مما حرمهم من تملك مساكن خاصة بهم أو استئجار مساكن بتكلفة معقولة، ولذلك نحن متفائلون بأن هذه الخطوات العملية التي تم تدشينها في ثلاث مدن ستمثل نقطة البداية لإصلاح الاختلالات في سوق العقار السعودي وكسر الاحتكار الذي فرضه بعض مُلّاك الأراضي على السوق مما خلق ندرة مصطنعة في عرض الأراضي. ولكن بالرغم من ذلك يجب ألا نغفل عن حقيقة طالما اكتوينا بنارها وهي أن بعض العقاريين يملكون أساليب غاية في الذكاء للالتفاف حول أي قرار أو إجراء يؤثر على مصالحهم. هذا البعض من العقاريين تعوَّد على الكسب السهل المريح الذي ظل سائداً في أنشطة القطاع العقاري منذ زمن طويل والذي كان ضحيته ومازال هو المواطن بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام. وبسبب أساليب بعض العقاريين في التحكم بالسوق والالتفاف على أي قرارات لفك احتكارهم للسوق انتهى مجتمعنا إلى ما انتهى إليه من أزمات سكنية خانقة ومعاناة يتجرعها المواطن السعودي الذي يكدح على مدى عشرات السنين من عمره دون أن يتمكن من توفير التكاليف الباهظة لشراء أرض يبني عليها مسكنه!! نقول أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء هو من حيث المبدأ قرار صائب وهو ما كنا نطالب به منذ زمن طويل، لكن المهم الآن هو آليَّة تطبيق القرار ومدى قدرة الجهات ذات العلاقة على المتابعة والحزم في تطبيقه وفرض العقوبات على المخالفين. من ناحية أخرى، سوف نرى من خلال ردود فعل السوق ما إذا كان مستوى الرسوم وحدود تطبيقها كافية أم لا أو أن العقاريين سوف يتمكنون من تحميلها على المشتري وذلك بخلق الظروف التي تجعل ذلك أمراً لا مفر منه. كما أن هناك خطراً يهدد تنفيذ القرار ويتمثل في افتعال بعض الاجراءات البيروقراطية المطولة. كل هذه المعوقات غير مستبعدة، لكن صدور القرار بعد عقود طويلة من النقاش والتأجيل يعكس إرادة سياسية تبعث على الاطمئنان، ولهذا نحن متفائلون.