قرر مجلس الوزراء الموافقة على الضوابط والشروط اللازمة للترخيص للشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة ملكية 100 في المائة الذي سمح بموجبه فتح مجال الاستثمار في نشاط تجارة الجملة والتجزئة لجميع الشركات الأجنبية العاملة في هذا القطاع وعدم قصرها على الشركات المصنعة لمنتجاتها، وذلك تماشيًا مع رؤية المملكة العربية السعودية (2030) التي تضمنت تخفيف القيود المتعلقة بالملكية والاستثمار الأجنبي في قطاع التجزئة لجذب العلامات التجارية الإقليمية والعالمية بما يسهم في خلق فرص العمل للمواطنين في هذا القطاع. ويلاحظ من مضمون القرار أنه لن يقتصر على المصنعين فقط أي شركات مثل التي تصنع أجهزة إلكترونية أو كهربائية أو ملابس ولديها منافذ بيع بل شمل أي شركة تجزئة تعد منفذ بيع لأغلب السلع ولا تقوم بتصنيعها حسب تخصصها بالنشاط كشركات «وول مارت « على سبيل المثال ليس الحصر، فالمنافسة ستتغير مع شركات عالمية تمتلك خبرات وإمكانات ضخمة مما سيسهم بتغيير قواعد المنافسة على كافة أنشطة وفئات مستثمري التجزئة ويوجد تحدٍ كبير أمامهم خصوصًا بالمدن الكبرى التي سيتركز فيها غالبًا توجه المستثمر الأجنبي الخارجي. فقطاع التجزئة بالسعودية يعد الأكبر عربيًا ويصل حجمه إلى نحو 370 مليار ريال وفق احصاءات في العام الماضي وتصل نسبة نشاط تجارة التجزئة للأغذية 44 في المائة أي ما يعادل 162.8 مليار ريال بينما تستحوذ الأنشطة الباقية كالإلكترونيات والكهربائيات والملابس والكماليات وغيرها على 56 في المائة بما يعادل 207.2 مليار ريال فيما يصل متوسط النمو بالقطاع إجمالاً 8 في المائة سنويًا مما يرشحه لتجاوز 400 مليار ريال خلال العام الحالي والقادم على أبعد تقدير إذا استمرت العوامل المساعدة على النمو فيه. لكن الذي يمكن تقديره لمستقبل التنافسية بالقطاع هو أن المستثمر الأجنبي سيكون جاهزًا للمنافسة والاستحواذ على حصص جيدة بالسنوات الخمس الأولى لبدء عملهم بأسواق المملكة وسيركزون على المدن الأكبر بحجم استهلاكها، بينما سيستفيدون من مزايا تطور خدماتهم وقدرتهم على اختراق الأسواق نظرًا لتجاربهم الكبرى بمختلف القارات والدول بينما لا نجد تلك الخبرات تتوفر لغالبية شركات التجزئة المحلية نظرًا لضعف انتشارها بالخارج باستثناء وجود بعضها في أسواق خليجية لا تختلف كثيرًا عن سهولة التعامل بالسوق المحلي مما سيرفع من مستوى التنافسية الذي سينعكس على المستهلك إيجابًا لكن بالتأكيد سيكون له أثر مختلف على المستثمر المحلي الذي سيكون أمام متطلبات عديدة ليرفع من مستوى خدماته وعروضه الدورية وطرق الحفاظ على عملائه التي لن تكون سهلة بينما سيبقى لمحلات التجزئة الصغيرة التي يملكها أفراد حصص جيدة وإن قد تتقلص بالمدن الكبرى بينما ستبقى بنفس الزخم بالمدن الصغيرة لأنه من الصعب أن تفكر تلك الشركات الأجنبية بالذهاب لها لعدم جدوى المنافسة فيها على الأقل ليس قبل خمسة إلى عشر سنوات أما ما قد تستفيده المحلات الفردية فهو وجود شركات جملة أجنبية مما يتيح لهم أسعار أفضل لاشتداد المنافسة على استقطابهم كعملاء وسطاء على مستوى السوق المحلي كليًا. قطاع التجزئة تغيرت قواعده بعد القرار التاريخي بفتحه أمام المستثمر الأجنبي وسيساعد على تقليص حجم الغش التجاري نظرًا لوجود مصنعي العلامات التجارية العالمية وكبار مسوقيها عالميًا بالسوق المحلي والاستثمار المحلي لن يكون سهلاً كما كان بمفهوم سهولة تأسيس المراكز والخدمات، بل تتطلب تطويرًا كبيرًا بمفهوم النشاط وتشغيل المنشآت ويبقى الدور الأخير على وزارة العمل برفع تأهيل الشباب للعمل بالقطاع من خلال معاهد تدريب متقدمة لزيادة دور الكوادر البشرية الوطنية بالقطاع كي تستفيد من الخبرات العالمية التي ستدخل للسوق المحلي وتسمح بأن يتطور القطاع بمستثمرين شباب بالمستقبل بعد أن يكتسبوا المهارات الإدارية والتشغيلية من الشركات العالمية وتتقلص نسب التستر بقطاع التجزئة التي تعد من بين الأعلى بمختلف قطاعات الاقتصاد وتمثل نحو 20 في المائة من إجمالي التستر بسوق العمل بينما تبلغ نسب التستر نحو 70 في المائة بين العاملين بالقطاع نفسه وفق بعض التقديرات لدراسات واحصاءات غير رسمية.