اجتماع وزراء دفاع الدول الثلاث روسياوإيرانوسوريا في طهران الأسبوع الماضي، أوضح بشكل جلي أن ثمة خلافا عميقا بين الحلفاء الثلاثة في الحرب الأهلية السورية. روسيا لديها أجندة وأهداف لا تخدم الطموحات الإيرانية ولا النظام السوري، فموسكو في المدة الأخيرة تبدوا أكثر تفاهما وتنسيقا مع الولاياتالمتحدة، بعد أن تراجعت فُرص الحل السياسي التفاوضي بين النظام والمعارضة، في حين أن المعارك على الأرض بين الثوار والنظام ما زالت تراوح في مكانها بين مد وجزر، وتقلق الروس كثيرا، فهم يخشون أن تستمر هذه الحرب تستنزفهم ولا يلوح في الأفق حل مقبول وموضوعي يمكن أن يعولوا عليه لنهاية هذه الحرب. الإيرانيون اكتشفوا أن اعتمادهم على الميليشيات كحزب الله والميليشات الشيعية الأخرى، لا يمكن أن تحسم المعركة، أو على الأقل تزحزح وضعهم الميداني من (مكانك راوح) إلى وضع أفضل ولو قليلاً. الليرة السورية تنخفض قوتها الشرائية باستمرار، حتى تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء أكثر من خمسمائة ليرة، بعد أن كان في بدايات الأزمة لا يتجاوز الأربعين ليرة للدولار الواحد، وهذا أدى إلى أن ما يتقاضاه جنود النظام من مرتبات، لا يؤمن حتى رغيف الخبز لأسرهم، الأمر الذي انعكس على معنويات جيش النظام، خاصة مع إحساسهم أن هذه الحرب تواجه أفقا مسدوداً وليس ثمة ولا بارقة أمل توحي بالانفراج. إذا أخذنا كل هذه الاعتبارات مجتمعة في الحسبان وأضفنا إليها تنامي قوة مقاتلي ما يسمى بسوريا الديمقراطية -(الأكراد)- والمدعومة وبقوة من قبل الأمريكيين على الأرض، نجد أن التقدم الذي أحرزه النظام نسبياً بعد تدخل الطيران الجوي الروسي تراجع، وهو مؤهل لأن يتراجع أكثر في الأيام القادمة، ما يضع النظام ومعه الميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله في موقف عسكري صعب؛ يوحي بأن إيران وطموحاتها التوسعية في سوريا تسعى بخطى حثيثة إلى الانهيار، والخروج من كل رهاناتها بخفي حنين. الأمر الآخر والذي يزيد الطين بلة، أن هناك تنسيقاً بين إسرائيل وروسيا بدا واضحاً بعد زيارة نتنياهو إلى موسكو، والذي سيأتي بلا شك على حساب التقارب الروسي الإيراني، ما يجعل التباين في الأجندتين الروسية والإيرانية يتسع إلى حد كبير، هذا التباين يزداد اتساعا مع الوقت، وإيران ومعها نظام الأسد، لا تستطيع أن تحارب الثوار وتحرز تقدماً على الأرض بلا غطاء الروس الجوي؛ الأمر الذي يجعل الأزمة السورية تتخذ منحنى جديداً، وليس في مقدور الروس إعادة الكرة لتعديله لصالح النظام كما حدث سابقاً. صحيح أن داعش توجه مأزقا وجوديا في العراق وكذلك في سوريا، ما يهددها تهديداً حقيقياً، إلا أن النظام السوري والميليشيات الإيرانية، هي الأخرى تواجه مأزقاً وجودياً مماثلاً أيضاً، قد يخلط الأوراق في الحرب السورية، خاصة إذا استمر الروس بالتنسيق مع الأمريكيين والإسرائيليين؛ فالروس قد يتحملون برهة من الزمن، لكنهم يعلمون أن الذهاب بعيدا في نصرة النظام إلى الأبد، والتغاضي عن تفاقم ضعف جيشه وكذلك ضعف الميليشات الشيعية سيورطهم في تداعيات لا تحمد عقباها مستقبلاً. إلى اللقاء