أكّد معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء ضرورة المدافعة عن الدين لمن عنده علم وبصيرة ويستطيع أن يبيّن ويقارع الحجة بالحجة، وأنه لابد من بيان الباطل من داعش وغيرهم حيث إنه إذا سكتنا عن بيان الباطل، استشرى وانتشر. مؤكداً أنه لا يقوم بهذا إلا أهل العلم، المسلحون بالحجة والبيان. جاء ذلك إبان إجابات معالي الشيخ صالح الفوزان على الأسئلة المقدمة له في جامعة حائل عقب محاضرته التي نظمتها إدارة الأمن الفكري بالجامعة بعنوان: «واجب الجامعات تجاه الدين والوطن» ورصدت «الجزيرة» بعضا من الأسئلة المطروحة على معاليه، وذلك وفق التالي: * وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ونحو ذلك، هل يُتلقى منها العلم؟ - العلم لا يؤخذ إلا عن أهل العلم، لا يؤخذ بمطالعة الكتب فقط، ولو طالعت كتب الدنيا كلها، لا تكون عالما، قد تكون متعالما، نعم، لكن عالم، لا، العالم من يتلقى العلم عن أهله، جيلا بعد جيل، فالعلم لا يؤخذ إلا من العلماء، إما في المساجد، والمعاهد والكليات، ولا يؤخذ العلم من الكتب فقط، بل يكون هذا ضلال، كثير ممن ضلوا، بسبب أنهم أخذوا علمهم عن الكتب، والكتب فيها الحق والباطل، والغث والسمين، والصحيح وغير الصحيح، ولا يميز هذا إلا أهل العلم وأهل البصيرة، الكتب أدوات، إن حملها من يتقنها، نفع الله به ونصر به دينه، وإن حملها من لا يتقنها، فإنه لا تكون هناك نتيجة محمودة، أو تكون نتيجة عكسية، العلم يؤخذ عن أهل العلم، جيلا بعد جيل، ولن تخلو الأرض منهم بإذن الله، طائفة منصورة على الحق، إلى أن تقوم الساعة. * ما طريقة تغيير المنكر، الذي يقع فيما نظن من الحاكم؟ - الحاكم ليس معصوماً، تقع منه بعض الأخطاء، ولكن هذا لا يُجيز لنا أن نتناوله في المجالس وعلى المنابر، لا يجوز هذا، إنما إذا رأيت شيئا من الخطأ، فإنك تأخذ بيد ولي الأمر، سرا وتُناصحه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، تأخذ بيده وتبين له، فإن قبل، فالحمد لله، وإلا فقد أديت ما عليك، أما أن تشهر بأخطاء الولاة على المنابر، فهذه طريقة المنافقين وأهل الضلال، هذا ينشأ عنه الفتن بين الحاكم والمحكوم، وقد ينشأ عنه غايات سيئة للإسلام والمسلمين، وإذا لم تتمكن من الأخذ بيده، والإسرار إليه، فإنك توصي من يصل إليه، ويتصل به، أو تُكاتبه كتابة سرية مأمونة تصل إليه، وأما بث الفتن، وسب الحكام، والتنقيص من الحكام، فهذا يُحدث فتنة وشرا، ويُحدث بلبلة، ويفرح بذلك الكفار والمنافقون. * كيف نحمي أنفسنا من الغزو الفكري؟ - بالعلم النافع، لا تحمون أنفسكم من الغزو الفكري إلا بالعلم النافع، والعلم لا يحصل إلا بالتعلم، والتلقي عن أهل العلم، بهذا لن يقف أمامكم باطل أو شبهة، إلا وتدمغونها بالحق الذي معكم، والدليل الذي معكم، هم ليس معهم إلا شبهات، وأباطيل، أنتم معكم حق ونور وبرهان من الله سبحانه وتعالى. * ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)؟ - هذا حديث عظيم، تلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين عند الفتن، لأن جماعة المسلمين وإمام المسلمين فيهم العصمة بإذن الله، وفيهم النصرة بإذن الله، وجماعة المسلمين وإمام المسلمين لهم هيبة ولهم مكانة، فتكون معهم، ولا تشذ عن جماعة المسلمين وإمام المسلمين. * ما رأي فضيلتكم بمن يدافع عن الدين والعقيدة بالبرامج الإلكترونية والجوالات فقط؟ - المدافعة في كل شيء بحسبه، تدافع مشافهة، وتدافع بالخطب، والمحاضرات، وتدافع بوسائل الاتصال، لكن لمن عنده علم وبصيرة، ويستطيع أن يبين ويقارع الحجة بالحجة. * ما هو الموقف من الجماعات المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة؟ - الدعوة إلى الله {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، هذا موقف العالم وطالب العلم من هذه الجماعات، هو يحمل حقا، وهم يحملون باطلا، ولا يجتمع الحق والباطل إلا ويُزهق الله الباطل بالحق. * ما هو الواجب نحو من يتهم مناهجنا بأنها أصل فكر داعش، وفكر الخوارج؟ - هناك منافقون يُلصقون بالإسلام كل شيء، ولهذا لما حصلت وقعة أحد بين المسلمين والمشركين، وحصل على المسلمين ما حصل من الابتلاء والامتحان، قال قائلهم: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} قال الله جل وعلا: {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ}، رد الله عليهم سبحانه وتعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}، رد الله عليه بهذه الحجة العظيمة، أن من قُدّر الله عليه الموت، فإنه يسعى إلى المكان الذي سيقتل فيه {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} وقد يكون فرارك ذهابا إلى الموت، تذهب إلى مكان منيتكن فلا نجاة من الموت {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، فالموت لا فرار منه، ولا بد منه، ولكن العبرة، بما يكون عليه الموت، على خاتمة حسنة، أو خاتمة سيئة والعياذ بالله. * كيف نعامل أهل الأهواء والضلال؟ - إذا كان عندك علم، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وأنت لا تهدي الناس، وإنما تبين للناس، والهداية بيد الله، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} فأنت عليك البيان، والهداية بيد الله سبحانه وتعالى. * هناك من لا يتكلم عن داعش ويقول لا يصح أن نتكلم عنهم فهذه فتنة، دعوهم ولا تتكلموا فيهم؟ - لا بد من بيان الباطل من داعش وغيرهم، إذا سكتنا عن بيان الباطل، استشرى وانتشر، وإذا قاومناه وعرف أهله أن هناك من يترصد لهم انفكوا واندحروا، ما نترك هذا المجال، ولكن لا يقوم بهذا إلا أهل العلم، المسلحون بالحجة والبيان.