نعم غاب الأهلي كثيراً عن بطولة الدوري، لكنه لم يغب عن المنافسة عليها، كما لم يغب عن البطولات الأخرى كبيرها وصغيرها، إذن هو موجود في الساحة كرقم مهم وصعب ومهدد لمنافسيه محلياً وعربياً وقارياً.. فالأهلي كان مؤهلاً دائماً لتحقيق البطولات، ومهيأً لتجاوز العثرات، ولعل كبوته في الموسم الماضي خير دليل، فالحصان الجامح لم يحقق ما كان يطمح إليه ويستحقه، وكان طبيعياً أن يترنّح هذا الموسم بفعل الإحباط في الموسم الماضي، لكنه عاد أقوى وأخطر وأشرس، فحصد كل الأولويات حتى تم تتويجه ببطولة لا يستحقها غيره، فالجميع اتفق (على غير العادة) على أحقية البطل بالبطولة التي جاءت بالتخطيط والعمل والمثابرة والعلمية المطلقة التي يتميز فيها العمل الأهلاوي.. هنا لا بد من ذكر شخصيات كان لها دور رئيس فيما تحقق، وبالتأكيد فإن رمز الأهلي الكبير والقدير خالد بن عبد الله في المقدمة، فهذا الرياضي الفذ يتنافس بشرف ويتعاطى مع المنافسات ككبير لا ينظر لصغائر الأمور ولا يترك لأحد فرصة لإدانته، سواء بتصريحاته الرزينة الراقية أو بتعامله المهذب، ولا غرو في ذلك فهو نجل حبيب الناس الملك عبد الله - رحمه الله -، ولعل حضوره تتويج الأهلي في الميدان بعد غياب يقترب من غياب فريقه عن الدوري كان مناسبة كبيرة التف فيها الأهلاويون حول رمزهم، واحتفوا به أكثر من احتفائهم بالبطل لأنه هو عرّاب البطولة، فكان هذا الاحتفاء أشبه باستفتاء عفوي تلقائي لم يبحث عنه الأمير، ولكن كانت نتيجته وعلى الهواء اتفاقاً كلياً على محبة خالد بن عبد الله وعلى تقدير مواقفه التي أبقت الأهلي في المنافسة دائماً.. ومن الشخصيات المؤثرة الرئيس الهادئ المهذب التلقائي مساعد الزويهري الذي كان وجه خير ووجهاً مباركاً على الأهلاويين، فبرئاسته جاءت البطولة المستعصية التي روّضها أبو هليل دون أن يستفز المنافسين، أو يُوتر جماهير فريقه ونجح باقتدار في تهدئة المدرج بعد أن كاد بعض الأهلاويين توتيره فيتأثر الفريق كالعادة.. مساعد لا شك ساعد الأهلي لاستعادة الدوري وهو يستحق التهنئة، وسيحفظ له التاريخ ما فعله، مؤكداً أن الإنجازات تتحقق بالنوايا الصادقة واحترام المنافسين. ومن ضمن هذه الشخصيات السيد جروس الرجل الستيني الهادئ جداً والواثق من نفسه كثيراً نجح في التعامل مع أصعب المواقف وأكثرها توتراً بهدوء ورزانة، ولعل احتواءه للاعبيه رغم خروج بعضهم عن النص يؤكد أن هذا المدرب تم اختياره بعناية فائقة، فالتدريب ليس تكتيكاً وتكنيكاً فقط، بل هو علم وفن وتعامل.. وكذلك لا يمكن إغفال نجوم الأهلي الذين لم يتركوا للآخرين شيئاً، فهم الأفضل بكل شيء بالأرقام، ولا أصدق من هذه اللغة، فهم الأفضل دفاعاً وهجوماً والأكثر فوزاً خارج ملعبهم وداخله، لذلك استحقوا التهنئة الخالصة. فهم الأفضل والأجدر بالبطولة الكبرى، ومن ضمن المؤثرين جماهير الأهلي التي حضرت وآزرت وتخلصت من التوتر، فكان الإنجاز المستحق، وكذلك من ضمن المؤثرين في الإنجاز الكبير الكابتن طارق كيال الذي حضر بوقت حساس ومهم ونجح في احتواء كل المواقف بخبرة وعلم ويُحسب لمن اختاره التوقيت الذي جاء فيه، فكان التغيير إيجابياً انعكس ذلك على الفريق والمدرب والمدرج. مبروك للأهلي بطولته المستحقة.. مبروك لرجاله.. لنجومه.. لجماهيره فعودة الأخضر للدوري هي لمصلحة المنافسة، ولمصلحة الدوري، فمن غير العدل أن يبتعد الأهلي عن المنصات.