كثيرون انتقدوا الأستاذ أحمد عيد بسبب ارتدائه (شال) نادي الأهلي أثناء تتويجه ببطولة دوري جميل، وهو في اعتقادي تصرف افتقد فيه عيد للحكمة وسوء تقدير نتائجه وتأثيره على وسط رياضي محتقن وجاهز للانفجار بعد أية زلة عفوية أو متعمدة، لكنه في الوقت نفسه لا يمس نزاهته وصميم مسؤولياته، كما لا يجوز تحميل الموقف أكثر من كونه شكليًا عابرًا لا يستحق المبالغة في تفسيره وتحليل أبعاده.. ولأن الأمر لن يتوقف عند أحمد عيد ولا غيره وسيظل المجتمع الرياضي يدور في فلك نظرية المؤامرة أمام أي خطأ يرتكب، وكأن الأخطاء لا تقع إلا بسبب مؤامرة وليس نتيجة لاجتهادات وظروف أخرى مختلفة، أعيد هنا ما كتبته قبل ثلاث سنوات تحت عنوان (نعم للميول.. لا للانحياز)، كونه يتناغم مع ما حدث لعيد ومع مواقف ومشاهد أخرى ستلحق الضرر برياضتنا وستعرقل أي خطوة بناء وارتقاء: «استغرب عددٌ من الزُّملاء تفاعل معالي وزير الثَّقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة مع وفاة الكابتن محمد الخليوي -رحمه الله-، وقبلها مع فوز الاتحاد بكأس الملك، وكأنهم يريدون من معاليه أو من أي مسؤول آخر أن يعزل نفسه ويلغي عواطفه وخياراته في أمر شخصي يخصه ولا علاقة له بمسؤولياته ومهام وظيفته، وحتى لو كان وزيرًا أو مسؤولاً رياضيًا في الرئاسة العامَّة أو الاتحادات الرياضيَّة فمن حقَّه أن يكون له ميوله الخاص الذي لا يستطيع هو ولا غيره التحكُّم به والسيطرة عليه شريطة ألا يؤثِّر على صميم عمله ونوعية وطبيعة قراراته.. ما العيب وما المشكلة من كون وزير الثَّقافة والإعلام اتحاديًّا، وسمو الرئيس العام نصراويًا، ورئيس اتحاد الكرة أهلاويًا، ورئيس اتحاد ألعاب القوى هلاليًا، ورئيس رابطة المحترفين شبابيًا، ورئيس لجنة الحكَّام نهضاويًا؟ غير هذا وبغض النظر عن الأسماء والمناصب فمن البديهي أن أي رياضي له ميوله ولو لم يكن كذلك لما أصبح رياضيًا، إضافة إلى أنه في كلِّ دول العالِمَ لا يمكن أن يصل أي مسؤول إلى منصب محلي أو قاري أو دولي إلا بعد أن يبدأ الممارسة الرياضية لاعبًا أو مدربًا أو إداريًا أو عضوًا فاعلاً في أحد الأندية.. في تقديري أن الأخطر والأسوأ حينما تكون مسؤولاً لا يكمن في معرفة واطِّلاع النَّاس على ميولك، بل بإخفائه والتهرُّب منه وربما نفيه ليس من باب تحري العدالة والابتعاد عن الشبهات وإنما من أجل القيام بأدوار خفية غير نزيهة خدمة وانحيازًا لناديك المفضل، لذلك نحن مطالبون بتقييم الوزير والمسؤول ورئيس وعضو الاتحاد واللَّجْنة والحكم والإعلامي من خلال أدائه ونتائج عمله وليس اسمه ورسمه وأصله وفصله وميوله..» سر أزماتنا! معظم مشكلاتنا الرياضية كان بالإمكان معالجتها قبل تفاقمها وانعكاسها السلبي على سائر المكونات الرياضية لو تعاملنا معها منذ البداية بحزم وجدية وأيضًا مكاشفة واعتراف بوجودها واستشراف مخاطرها بدلاً من تهميشها وتبسيطها والتستر عليها.. نعم.. لم نكن لنصل إلى هذه المرحلة من الضياع الفني على مستوى اللاعبين والأندية والمنتخبات وتحديدًا في كرة القدم إلا لأن القائمين على الاتحاد وكذلك الأندية لم يستوعبوا كارثة جندلة المدربين، وعدم الاهتمام بالفئات السنية، والتغذية وعلاج الإصابات وثقافة الاحتراف، ولم تكن أنديتنا الكبيرة لتغرق بالديون وتهدد بالإفلاس إلا بسبب فوضى الإنفاق والفشخرة والتباهي بعقود اللاعبين وغياب التنظيم الإداري والمالي والمراقبة والمحاسبة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقًا هيئة الرياضة حاليًا، ولم يكن ليتورط اللاعبون بقضايا وممارسات سلوكية واجتماعية سيئة خطيرة إلا لأنهم وجدوا الدلال من إدارات الأندية والتطبيل من الإعلاميين المشجعين والجمهور المغلوب على أمره.. غير ما تقدم كثير، وما لم تبادر هيئة الرياضة واتحاد الكرة بسن القوانين والأنظمة المالية والإدارية وإلزام الأندية بتطبيقها فستتطور الأمور إلى ما هو أسوأ وأبشع.