«الملل» فيروس خطير يجتاح المنازل بعد فترة من الزواج، وربما، في حال الاستهانة به، يفتك بكيان الأسرة أو يؤدي في النهاية إلى بهتان العلاقة الزوجية وتحولها بين الشريكين إلى ما يعرف ب «الطلاق الصامت» أو» الخرس الزوجي»، عندما يتوقف التواصل بين الزوجين تقريباً، وتصبح الحياة روتيناً خالصاً في ظل اكتفاء الزوجين بتقديم الواجبات الزوجية الحياتية المعتادة، من دون خوض الأحاديث المشتركة التي من شأنها أن تضفي على العلاقة الزوجية بهجتها ودفئها وحميميتها. وفي محاولة للوقوف على أبعاد هذه الأزمة التي تعترض سبيل كثير من الأزواج وقد تتسبب أحياناً في أضرار بالغة بالعلاقة الزوجية، اقتربت «الجزيرة» من طرفي العلاقة، لمعرفة هل هذه حالة «عابرة» أم أنها مرشحة لأن تكون «وضعاً مزمناً»؟ وكيف يمكن للزوجة أن تتخلص من الشعور بالملل حين يضرب علاقتها الزوجية؟ وأيضاً ما دور الزوج عندما يشعر بالملل يهاجم علاقته بزوجته؟. حرمان عاطفي بكل حزن سردت «نوف سعيد» قصة زواجها قائلة: تزوجته زواجاً تقليدياً بعدما لمست فيه أثناء الخطوبة سمات حسنة تؤهله ليكون زوجاً مثالياً، وفارس الأحلام الذي ظل طوال حياتي يداعب خيالي، بيد أن سفينتي رست على أرض الواقع وارتضيت بمشيئة الله. وتابعت حديثها قائلة: مرت سنوات زواجي الأولى مروراً حميداً لكنه بارد، كانت تنتابني بعض المشاعر وكنت أخجل من بذور مشاعر الحب التي تنمو في قلبي مع مرور الأيام، وعندما كنت أتحدث مع زوجي عن حرماني العاطفي، أجده يصدمني بسخريته المعهودة وكأني طفلة صغيرة دون مراعاة لمشاعر الحب المتدفقة في قلبي حتى اعتدت على كلامه وأصبح الملل هو رفيقي في الحياة، ووجدت نفسي أبتعد عن زوجي لا إرادياً وصرت لا أرغب في إقامة أي علاقة معه وصار الطلاق الفعلي هو الحل الطبيعي لحالة الملل والطلاق الصامت الذي نعيشه. أما أمل مشعل فقالت: «لم أسمح للملل أن يتسرب لحياتي الزوجية رغم الروتين القاتل» وترى أمل بأن الأجازة فرصة جميلة للتجديد والتغيير بغض النظر عن المكان، وتعتبرها فرصة لتجديد الحب والمشاعر الجميلة بين الزوجين معًا في ظل إيقاع الحياة السريع ومسؤوليات العمل الطاحنة، وتؤكد أن للملل أسباباً عديدة فعادة ما تحلم الزوجة بزوج رومانسي رقيق وتختفي أحلامها بعد الزواج لأسباب عدة أهمها المسؤوليات التي تقع على الطرفين. وعن الأسباب التي يمكن أن تؤدي للملل قالت إيمان عبد الله: «إن أكثر الأسباب التي تؤدي للملل هو تجاهل الرجل لزوجته، وإهماله لها فالرجل لا يقدر مشاعر المرأة وينظر دائما لها وكأنها آلة تنفذ كل رغباته ليس إلا، ودائماً ما يأتي اللوم على الزوجة في أي شعور بالملل، وجزء من واجباتها هو تحمل هذا الملل وعدم التصريح به وإلا تصبح «زوجة نكدية». ذكاء وجاذبية من جهته أبدى الفنان الشاب هاني العبد الله استغرابه من إحساس الزوجة بالملل من حياتها، قائلاً «الزوجة الذكية هي التي لا تسمح للملل أن يتسلل إلى منزلها، فالمرأة لديها القدرة على جذب الرجل إليها بصفة مستمرة بتغيرها وتلونها حسب رغبة زوجها»، ووجه اللوم على المرأة في النتيجة التي تصل إليها الحياة الزوجية والوصول إلى حالة الطلاق الصامت الذي أصبح موجوداً بقوة الآن.. ورأى أنه يجب أن تتفهم الزوجة طبيعة كل مرحلة يمر بها الرجل في حياته وتحتويه في مراحله المتعددة حتى تستطيع أن تستحوذ على قلبه، إلا أن العديد من النساء يهملن في أنفسهن بعد فترة من الزواج ويصبح الزوج آخر اهتماماتها مما يؤدي في النهاية إلى عزوف الرجل عن المنزل والبحث عن البديل الذي يكون مناسباً لطبيعة المرحلة. دور الزوج وعن دور الزوج عندما يشعر بملل زوجته قال مجدي البشير: إن السبب في إحساس الزوجة بالملل هو الروتين القاتل الذي يعيشه الزوجان بعد الزواج، ويجب على الزوج مشاركة زوجته في لحظات الملل والتقرب منها وإحساسها أنها من الأمور الطبيعية التي تعتري أي علاقة زوجية. ورأى أن الزوجة عادة ما يكون لديها توقعات تجاه الطرف الآخر بأنه سيرسم حياة وردية لها، وسيكون الطرف الآخر هو مصدر التغيير والتجديد في الحياة في كل شيء، ولكن مع تعقيدات الحياة، وتزايد المسؤوليات يومًا بعد يوم، تتبدل الصورة وتخيب توقعات كل طرف، لظروف خارجة عن الإرادة.