خلال ملتقى سوق العمل قال معالي وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني إنّ الوزارة أطلقت برنامج التوطين الموجّه لزيادة توظيف السعوديين بالمناطق الأقل توطيناً ويندرج معه العديد من البرامج كالتوجيه المناطقي الذي سيخضع لتوجيه أمراء المناطق لإيجاد وظائف للمواطنين بالإضافة للتوطين القطاعي وكذلك الحصري لتحديد مسارات التوظيف المستقبلية وسيتحول معها برنامج نطاقات إلى نطاقات الموزون الذي يراعي جوانب عديدة, لتفعيل دور الموظف السعودي بالإنتاجية ويأخذ بعين الاعتبار الوظائف التي يشغلونها ودورهم بالمنشآت ومتوسط رواتبهم ومستوياتها. بداية فإن الحديث عن سلبيات نطاقات القائم حالياً أشبع كثيراً بالطرح وما أفرزه من سعودة وهمية وتدنٍ كبير بمستويات الرواتب معلن رسمياً فهناك 55% من موظفي القطاع الخاص من المواطنين دخلهم دون 3500 ريال شهرياً بحسب إحصاءات التأمينات الاجتماعية أما المتوسط العام لرواتب السعوديين بالقطاع الخاص فيتراوح حول 5000 ريال وكثير من الدراسات والإحصاءات تفسر هذا التدني بالدخل بنوعية الوظائف التي يشغلها المواطنون بأنها بسيطة, إذ لازالت الوظائف المتوسطة والعليا في أغلب المنشآت مشغولة بوافدين, بل تذهب التقديرات بأنه يمكن للمواطنين المنافسة على حوالي مليوني وظيفة بالقطاع الخاص تتطلب مؤهلات ودخلها جيد عطفاً على أن نسبة كبيرة من العاطلين تقارب 37% يحملون مؤهلات جامعية, فما هو الجديد بالبرامج الحديثة؟ إن أول تفسير لإطلاقها هو الاتجاه لمعالجة سلبيات نطاقات الحالي الذي مال للتوظيف الكمي وليس النوعي وأخرج من رحمه إشكاليات معقدة عديدة لا تخدم الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والبعيد؛ لأنها تؤدي للترهل بسوق العمل وابتكار التحايل على نطاقات الذي لم يراعِ الحلول الاقتصادية بسوق العمل وهو ما انتقدناه منذ انطلاقته ومن أقلام كثيرة كانت تقرأ المشكلة القادمة وطرحت الكثير من الحلول التي ركزت على أن تكون السعودة بمعايير نوعية تركز على الفرص المناسبة التي يكتسب منها العامل الوطني الخبرة والطموح والدخل الجيد والأمان المهني والوظيفي. من الواضح أن الوزارة أدركت تماماً أهمية العودة للأسس التي تنتج حلولاً حقيقية, فالتوطين القطاعي يركز على إحلال المواطنين بقطاعات وأنشطة مهمة ولها مستقبل والتهيئة بالتدريب والتأهيل, حتى يكون لدينا كوادر مؤهلة, ونفس الأمر ينطبق على التوطين الحصري والذي أعلن عنه مؤخراً بأول قطاع وهو الاتصالات وخدماته ولكن حتى تثمر هذه الخطوات الجديدة بالبرامج التي أعلنت لابد من أسس تؤطر عملها وتوفر الفرصة لنجاحها: أولها إلغاء نسب التوطين العامة وحصرها بالتي يمكن للمواطن شغلها ولتكن أيضاً قطاعية وتستبعد بالبداية القطاعات التي تتطلب عمالة رخيصة التكاليف ولا يمكن شغل سعوديين عليها لكن حتى تثمر هذه الخطوة فإن الأفضل هو إعادة هيكلة إحصاء البطالة بناء على التخصص أو الشهادات, والطلب من كل مواطن عاطل عن العمل أن يحدد القطاع أو النشاط الذي يرغب العمل به وبالمقابل يتم حصر الوظائف القائمة بكل نشاط ليتم بعدها الفرز الدقيق لمعرفة أين يمكن استيعاب العاطلين أو القادمين الجدد لسوق العمل، يضاف لذلك معرفة كم نسب البطالة المحسوبة على كل قطاع أو نشاط, أما الحلول الكبرى فهي ليست بيد وزارة العمل والمقصود بها توليد الوظائف فهي مسؤولية وزارات وجهات أخرى مهمتها تنشيط الاقتصاد وتوسيع الطاقة الاستيعابية فيه كوزارة التجارة والصناعة, والاتصالات وتقنية المعلومات, والإسكان, والصحة, والتعليم, والزراعة, وغيرها من الهيئات, كالسياحة والاستثمار, وأن تقوم تلك الجهات بتفعيل المزايا الكلية بالاقتصاد وأيضاً بكل منطقة حتى يتم توجيه سوق العمل بطريقة أفضل وفيها مرونة عالية تتبع وضع كل منطقة, وكذلك يتم توجيه التعليم والتدريب؛ ليواكب تفعيل تلك المزايا المناطقية وأيضاً حتى تنجح تلك الخطوات فإن الدور التمويلي سيكون مهماً؛ لتكون الفرص سانحة لمن يسعى لتأسيس منشأة صغيرة أو متوسطة مع مراعات ربطها بالكيانات الكبرى؛ كي تدعمها كما هو متبع عالمياً الخطوات الأخيرة لوزارة العمل جيدة وتفتح باباً على حلول مهمة تخدم سوق العمل لكن التنفيذ سيبقى هو ما يعكس النتائج ويجب أن لا يكون متسرعاً بالإحلال بل متدرجاً حتى لا يكون هناك فجوات تشغيلية بأي قطاع أو أي ارتباك قد يحدث لأن ذلك سيؤدي لضرر بالقطاع وتقلب كبير بالتكاليف بل وحتى إمكانية خروج من دخلوا للقطاع من شباب الوطن إذا لم يكتسبوا الخبرة المناسبة, لكي يستحوذوا على نصيب الأسد بكل قطاع مستهدف وهذا يتطلب خطة زمنية مناسبة وقرارات مساندة ترفع نسبة التوطين تلقائياً كل عام دون تأثير سلبي من أي نوع, وأن يعمل برنامج هدف بتركيز خاص على القطاعات والمناطق المستهدفة, لرفع كفاءة إنفاقه وتكون مخرجات هذا الصرف إيجابية, وتنعكس حقيقة على سوق العمل لا أن تكون على شكل مكافآت تصرف على توظيف غير مجدٍ لا مستقبل له.