الاتفاق بين المملكة العربية السعودية ومصر على بناء جسر يربط البلدين فوق مياه البحر الأحمر مرورا بجزيرة تيران، هو مشروع يتجاوز المصالح الاقتصادية بين السعودية ومصر الى ابعاد تتعلق بالتجارة والسياحة والنقل وصولا الى السياسة بمعانيها الواسعة، فالمشروع، وإن كان سيقام بين بلدين لهما اطلال على مياه البحر الاحمر المؤدية الى مدينة العقبة وايلات، وهو ممر بحري دولي تستخدمه الخطوط الملاحية الدولية، ويشكل نقطة مراقبة على الحركة البحرية بشكل كامل لاسيما وان المياه الاقليمية للسعودية ومصر يفترض ان تحول البحر الاحمر بكاملة بحيرة عربية، إلا أن القوة والعربدة الاسرائيلية حولت البحر الاحمر في مناطق حيوية فيه الى نقاط مراقبة لقواتها البحرية واطماعها منذ حرب الخامس من حزيران لعام 1967. المزايا الاقتصادية والجيوسياسية للمشروع كبيرة، فالمنطقة العربية من الشرق الى الغرب تفتقر لشرايين الحياة الاقتصادية والتجارية، فالمنطقة بحاجة لخطوط برية دولية كفوءة، وانابيب النفط والغاز والسكك الحديدية والخطوط الملاحية المنتظمة بين الموانئ العربية، ومن الثابت ان عدم ربط الدول العربية بوسائل النقل ادى الى تدني التجارة البينية العربية التي مازالت دون نسبة 10% من التجارة الخارجية للدول العربية، بالرغم من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الاطراف وفي مقدمتها اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي اعفت التجارة البينية من الرسوم الجمركية. البعض يتحدث عن الاثار السلبية التي قد تلحق بميناء العقبة وانخفاض الطلب على خدماته التجارة وتحول رحلات العمرة والحج من مصر الى السعودية عن العقبة واعتماد الجسر الجديد، وتحول قسم مؤثر من التجارة المصرية الى السعودية وربما تجارة الترانزيت، وهذا امر متوقع، والمطلوب ان تقوم الجهات المعنية بالموانئ الاردنية تحسين الخدمات وتقديم اسعار منافسة للمحافظة على حصتها من حركة الموانى الى المنطقة، واعادة النظر بما يمكن تقديمه للمستثمرين في ضوء المشاريع العملاقة الجاري تنفيذها في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة. النظرة الايجابية للمشروع يمكن ان تزيد الحركة الى العقبة وبالتالي الى المملكة باعتماد الحركة التجارية والسياحية عبر الجسر الى العقبة الاقتصادية، وان اي تخفيض الكلف سيحسن قدرة تنافسية المنتجات الاردنية بخصوص السلع التصديرية، فالاردن الذي لديه اكبر نسبة من تجارته الخارجية مع الدول العربية سيستفيد من الجسر المزمع اقامته لربط الشرق بالغرب العربي. جسر السعودية - مصر مصلحة عربية بامتياز وان الخاسر الاكبر سيكون الكيان الصهيوني..نحن بحاجة عربيا لمزيد من الجسور وخطوط النقل وانابيب النفط والغاز والسكك الحديدية، وبناء تراكم في الاعتماد المتبادل، وهو الطريق الوحيد القادر على نقل المنطقة الى مستويات افضل في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.