حذر اقتصاديون من الاندفاع نحو التمويل العقاري، حيث إن القائمين على قطاع الإسكان يحاولون تخفيف الدفعة المقدمة وتخفيف القيود في الوقت الذي تشهد فيه سوق العقارات تضخما ينبئ بالتصحيح قريبا. وأكَّد الاقتصادي فضل البوعينين أن الأزمة الإسكانية في حاجة إلى حزمة من البرامج لمعالجتها غير أن الوضع الراهن ربما يبرز بعض الحلول على حساب حلول أقل أهمية، مشيرا إلى أن أزمة الإسكان الحالية ناتجة عن تضخم أسعار العقارات بالدرجة الأولى ودخولها مرحلة الفقاعة، وبالتالي يصبح الحل الناجع لها هو خفض الأسعار وبما يتواءم مع ملاءة المواطنين المالية. وذكر البوعينين ان مجرد التفكير في تحفيز التمويل العقاري دون معالجة مشكلة الأسعار لن يغير شيئا في الوقت الحالي وهو من الحلول الهامشية وغير المؤثرة، خاصة أن العقارات أسعارها مرتفعة وتفوق قدرة المواطن، والإصرار على توفير التمويل وخفض نسبة الدفعة المقدمة هو اقرب إلى تحفيز الشراء بالأسعار المتضخمة ما يجعل الأمر وكأنه إنقاذ لتجار العقار على حساب المواطنين الذين سيتحملون ديونا ضخمة في مقابل أصول ربما تفقد نصف قيمتها مستقبلا. وحذر من الاندفاع نحو التمويل العقاري وتخفيف قيوده في الوقت الذي تشهد فيه سوق العقار تضخما ينبئ بالتصحيح قريبا، من جانب آخر فإنَّ وزارة الإسكان تركيز على التمويل مما جعلها في مواجهه دائمة مع ساما المسؤولة عن حماية القطاع المالي من التعثر لا إيجاد الحلول البديلة لتقصير وزارة الإسكان التي عجزت عن توفير السكن واستثمار ما لديها من أموال وأراض لزيادة العرض والضغط على الأسعار. وأشار البوعينين إلى أن خفض الدفعة المقدمة إلى 15 في المئة لن تغير شيئا في جانب التمويل، لأن بعض البنوك تقدم تمويلا عقاريا بنسبة 100 في المئة من خلال الالتفاف على النظام بحيث تعطي 70 في المئة كقرض عقاري و30 في المئة قرض استهلاكي يوجه لتغطية الدفعة المقدمة، مبينا أن خفض الدفعة المقدمة إلى خمسة عشر في المئة لن تعالج المشكلة ولن تسهم في رفع نسبة التملك، لان المشكلة في ملاءة المواطن وعدم قدرته على الشراء وفق الأسعار الحالية. لذا أطالب الإسكان بمعالجة مشكلة الأسعار وتوفير منتجاتها للمحتاجين وبخاصة متوسطي ومنخفضة الدخل قبل أن تفكر في تحفيز الإقراض، وكأنها تسعى لتحفيز الشراء والسوق العقارية بدلا من معالجة أزمة المواطنين. بدوره قال الدكتور إحسان أبو حليقة المتخصص في الشأن الاقتصادي والمالي أن التمويل لم يكن عقبة رغم المطالبة بتخفيض نسبة ال 30 في المئة إلى 15 في المئة خلال الفترة السابقة، حيث إن حل الأزمة الإسكانية هو تمويلي في الأساس، لكن ليس بما «جرت عليه العادة» في السنوات الأخيرة من تحلق البنوك حول الحلول التمويلية المُكلفة، إِذْ لا بد من حلٍ عبر مؤسسات تمويل عقارية متنافسة، وكذلك زيادة العرض من الوحدات السكنية الاقتصادية عبر شركات تطوير عقاري متنافسة. أما في ظل غياب صلةٍ بين سوق التمويل العقاري والسوق المالية السعودية، وغياب المنافسة في سوقي التمويل العقاري والتطوير العقاري، فلن نصل لحل كفؤ للأزمة التي تحدثنا عنها طويلاً. إن توفر المزيد من قنوات التمويل للاستثمار العقاري سيعني تشييد المزيد من الوحدات السكنية، مما يؤدي إلى زيادة المعروض، وبالتالي يحقق - مع مرور الوقت - توازناً بين العرض والطلب وكفاءة في سوق العقار، وبالتالي خفضاً للتكلفة. وأشار الى أن ما يهم المواطن أن تخفيض 15 في المئة التي صدرت تعني له في المحصلة، مزيداً من المعروض من مساكن، مما سيؤدي لخفض السعر بالتدريج، كما ستنخفض تكلفة التمويل، وحالياً، يساهم قطاع خدمات المال والعقار بنحو 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعول عليه في تنويع اقتصادنا الوطني وحفز نموه. إِذْ إن مِنّ ضمن الأنشطة المشمولة في هذا القطاع التمويل العقاري، الذي على الرغم من توسعه إلا أنه ما زال ضامرا من حيث مساهمته الاقتصادية، وقاصراً من حيث كفاءة سوقه. وتجدر الإشارة إلى أن ضمن هذا القطاع هيئات تنظيمية لأنشطةٍ فيه؛ منها: مؤسسة النقد العربي السعودي التي تنظم للقطاع المصرفي، وهيئة السوق المالية التي تنظم لقطاع المصرفية الاستثمارية، فيما التمويل العقاري والتطوير العقاري نشاطان ينتظران تنظيماً مبادراً متحفزاً يوجد هيكلية ويزرع بذور التنافسية والشفافية والإفصاح ل لسوق.