توجس محللون اقتصاديون من اندفاع مؤسسة النقد السعودي في السماح لبعض البنوك باستقطاع نسبة 65% من الدخل الشهري للموظف الذي يفوق دخله الشهري 12 ألف ريال، وعدوا تلك الخطوة التفافا على النظام ومخالفة لنظام ساما وإثقالا لكاهل العميل. بموافقة مؤسسة النقد السعودي منح بعض البنوك طالبي التمويل فرصة الحصول على تمويل عقاري بنسبة استقطاع من الدخل الشهري للموظف تصل إلى 65 % لمن يفوق دخله الشهري 12 ألف ريال، في حين رأى اقتصاديون أن مثل هذا الأمر يعد التفافا على النظام وإثقالا لكاهل العميل. تساهل مؤسسة النقد قال الخبير الاقتصادي عصام الزامل في تصريحات ل "الوطن" إن هناك تساهلا من قبل مؤسسة النقد فيما يتعلق بضوابط الإقراض، وهي ليست زيادة فعلية في القوة الشرائية وإنما زيادة في الأسعار يقابلها شح في السلعة، مؤكداً أن تسهيل القروض بدون حل جذري، والاحتكار وشح المعروض تؤجج المشكلة، وهو ما يفيد البنوك وملاك العقارات ويضر بالمواطن ويلزمه بالمزيد من القروض. رفع نسبة الاستقطاع قال الزامل إن ما حدث من رفع نسبة الاستقطاع من الدخل الشهري إلى 65 % يميل إلى أن يكون قانونياً، في حين تلام مؤسسة النقد ويجب مطالبتها بأن يكون غير قانوني، لافتاً إلى أن الاستمرار برفع حد الإقراض يدخل المواطن في متاهات مالية جديدة المستفيد منها تجار العقار، مع وجود محاولات حثيثة لإنقاذ العقار في ظل مروره بمرحلة ركود ومقاومة لانخفاض الأسعار، مشيراً إلى أن تجار العقار لا يريدون الاستسلام ولجؤوا لزيادة وسائل التمويل بالتعاون مع البنوك. وأضاف أن وزير الإسكان سبق وصرح علناً أن هناك محاولات لخفض الدفعة الأولى من 30 % إلى 10 % وهذا ما يحرك العقار من جديد وهي محاولات لرفع أسعار العقار، فلا غرابة من أن تتحالف البنوك مع تجّار العقار، مؤكدا أن قرارات وزارة الإسكان تخدم تجار العقار ولا تخدم المواطنين. مخالفة نظام ساما قال الخبير المصرفي فضل البوعينين ل"الوطن" إن خصم 65 % من راتب المقترض لا يمكن القبول به، لأن ما يتبقى من الراتب لا يمكن أن يكفي الأسر في مواجهة أعبائها المالية، كما أن 65 % تتعارض مع المسموح بها نظاما من قبل ساما لأنه لا يتبقي شيئا للمقترض يعينه على توفير احتياجاته الأساسية من غذاء وصحة وتعليم. التنظيم المالي وأوضح البوعينين أن الأسر السعودية تفتقر للتنظيم المالي وبالتالي التزام المقترض بخصم ما نسبته 65 % من مرتبه سيجعله عاجزا عن مواجهة أعبائه المالية مستقبلا خاصة إذا ما زاد عدد أفراد أسرته وهو أمر متوقع بلا شك بما لا يمكنه استيفاء حاجاته، خاصة إذا ما عرفنا التقسيم الأساسي لراتب الموظف وهو 30 % للغذاء و20 % للتعليم والصحة و10% للمتفرقات الأخرى، إذاً هنا تكون النسبة الصحيحة للتمويل 40 % ليتمكن العميل من مواجهة أعبائه المالية. وأشار البوعينين إلى أن السوق العقارية اليوم تمر بمرحلة تشكيل الفقاعة وهي أقرب إلى الانفجار وبالتالي انهيار الأسعار، وتحفيز الشراء في هذه الفترة حيث تعتمد على التمويل المصرفي وسيحدث ضررا في القطاع المصرفي والمقترضين الذين ستنخفض قيمة أصولهم بحدة في حال تصحيح سوق العقار. رفع نسبة التحمل وأضاف البوعينين أن تقديم قرضين "شخصي وعقاري" في آن واحد للالتفاف على شرط الدفعة المقدمة هو مخالفة صريحة لنظام ساما الذي يشترط مشاركة المقترض بنسبة 30 % من قيمة العقار بهدف خفض المخاطر على البنوك، ودفع قرضين للمقترض سيرفع نسبة التحمل إلى 100 % وهذا سيزيد من مخاطر البنوك في حال التعثر، مطالباً ساما بعدم التجاوب مع مناشدة وزارة الإسكان بتخفيف قيود الإقراض العقاري وذلك لتحقيق مصلحة المقترضين أولا الذين يدفعون قسرا للشراء دون أن يعلموا حجم المخاطر، بالإضافة إلى المحافظة على ودائع المودعين وأرباح حملة الأسهم من التعرض للمخاطر في حال انهيار السوق العقارية وهو أمر يمكن حدوثه إذا ما استمرت الظروف الاقتصادية الحالية.