كان حكم الشاه لإيران حكما دكتاتوريا ورثه من والده الذي أتى للحكم من خلال انقلاب عسكري على السلطان القاجاري (أحمد ميرزا), لذا كان واعياً لحركة المعارضة التي يقودها رجال الدين ضده فاعتمد على وضع السلطات العسكرية والأمنية بيده وخصوصاً المخابرات (السافاك)، والذي أسس بمساهمة أمريكية لحماية حكم الشاه، كان الشاه مستبداً في موارد الدولة ومستبداً في حكمه؛ لذا ثار الناس عليه، وبعد أن تولى الأمر الولي الفقيه، استبشر الإيرانيون عهداً جديداً يكون أساسه العدل والحرية والنزاهة، ولكن ذلك لم يحدث بل أن الولي الفقيه أضفى قدسية وقمعية على الحكم الدكتاتوري الجديد. لم يتغير شيء كثير في قمعية السلطة في إيران بعد تولي الخميني، فالولي الفقيه أمسك بزمام السلطات العسكرية والأمنية كما كان خلال عهد الشاه، ومع أنه حل جهاز (السافاك) وأعدم كثيرا من قادته إلا أنه أسس جهازا أكبر وأكثر قمعية ودموية هو جهاز (الباسيج)، وهو مجموعات من المتطوعين، له صفة شبه عسكرية وعقيدته تقديس الولي الفقيه وقمع كل مظاهر التحرر أو الاعتراض على سلطاته أو قراراته، ويرجع هذا الجهاز لجهاز آخر أكبر ويسيطر على كثير من موارد الدولة ونشاطاتها وهو جهاز (الباسندران) وهو ما يشار له بالحرس الثوري. تجتمع كل السلطات وصلاحيات الحكم في إيران بما يعرف (بيت رهبر) وهو بيت الولي الفقيه ومقر حكم إيران الشمولي، ويرجع له في كل الشؤون، واختيار الولي الفقيه يسند (لمجلس الخبراء) والذي يتكون من (86) عضواَ كلهم من فقهاء المرجعية حسب المذهب الجعفري، ومع أنهم منتخبون من الشعب إلا أن سلطة الولي الفقيه القائم فوقهم، فيعزل من يشاء منهم ويؤثر في قراراتهم بصورة مباشرة، ويتحكم الولي الفقيه بالانتخابات العامة من خلال (مجلس صيانة الدستور) والذي يشترط موافقته على أي مرشح للتمثيل الشعبي المحلي أو مجلس الشورى (البرلمان), لذا لا يصل لهذه المجالس التمثيلية إلا الموالون والمخلصون لولاية الفقيه. وكذلك يعين الولي الفقيه رأس السلطة القضائية ويكون تابعاً له مباشرة، لذا يتحكم الولي الفقيه بكل الأحكام القضائية أو يؤثر بها في صورة غير مباشرة، وفي إيران مجلس للشورى له سلطة تشريعية شكلية حيث يشترط موافقة الولي الفقيه على قراراته لتكون نافذة. يتحكم الولي الفقيه بموارد الدولة الإيرانية كافة، ويوجه الحكومة بأولويات مصارف الميزانية حسبما يرى، كما أن للولي الفقيه موارد مالية خاصة لا تدخل خزينة الدولة وأهمها هو (خمس الإمام)، فهذه تجمع للولي الفقيه من خلال الحوزات والمراجع وتقدر ببلايين الدولارات سنوياً ويتحكم في مصارفها، ومعضمها تذهب لنشر معتقد ولاية الفقيه، ودعم حركة التشيع في العالم، كما يتم تمويل إيرادات الولي الفقيه من دخل بعض الشركات التابعة للحرس الثوري، منها (شركة خاتم الأنبياء) وهي شركة مقاولات عملاقة والمؤسسة التعاونية للحرس الثوري، والتي تمتلك شركة (أفق صابرين) وشركة (موج نصر جستر) وملكيات كبيرة في شركة (بهمن) وشركة (سابا) لصناعة السيارات وشركة (كرمنشاه) للبتروكيماويات، ويمتلك الحرس الثوري مؤسسة (كوثران) وهي ذراع الصناعات التقنية في إيران، وشركات طيران (هما) و(زاغروس). والحرس الثوري جهاز لا يخضع لأي رقابة على عملياته من أي جهة غير (بيت رهبر). ولا يعلن وارداته ولا مصروفاته للعموم. حكومة الولي الفقيه هي شبكة من الأجهزة المحكمة والتي تعتمد السرية و القمع لكل مخالف و تستولي على المقدرات و الموارد الإيرانية وتوظفها في سبيل تكريس السلطة ونشر فكر ولاية الفقيه في العالم، وتحرم الشعب الإيراني من التنمية الحقيقية؛ فإيران متخلفة في كثير من مظاهر التنمية، وتعاني من بطالة متزايدة وخصوصاً في الأرياف.