من الواضح أن الوسط الرياضي يتخبط بين قضاياه المتنوعة، لا يعرف ماذا يريد، ولا يستطيع تحديد المهم من الأهم. هناك من يختزل حاضر ومستقبل الكرة السعودية في ناديه المفضل، يحكم على اتحاد اللعبة وعلى لجانه المتعددة من خلال مكاسب أو خسائر نادية، ثم إن هناك غالبية من وسطنا الرياضي وخاصة من الإعلاميين، غير قادرين على تحديد أولويات الأولويات التي تحتاجها الكرة السعودية، كما لا يملكون رؤى واضحة يمكن طرحها للمساعدة في تشخيص علة كرتنا. ولهذا هم يعلقون على الأحداث حسب أمزجتهم وعلاقاتهم وميولهم. من المهم معرفة المنعطف الخطير الذي أضر بالكرة السعودية، أو لنقل المنعطف الذي بدأ معه انهيار كرتنا وانحسار إنجازاتنا. من وجهة نظري هناك سببان كانا الأكثر تأثيراً على الكرة السعودية، أولهما تشفير مباريات المنتخب قبل عدة سنوات، الأمر الذي تسبب في ضعف التواصل ما بين الجماهير السعودية ومنتخبات وطنهم. وثانيهما العقود الخيالية للكثير من اللاعبين والتي جعلت من تمثيل اللاعب للمنتخب عبئا عليه يحاول التهرب منه، والنتيجة هي ظهور العديد من اللاعبين بمستويات عند تمثيلهم لأنديتهم أفضل مما يقدمونه من مستويات مع منتخبهم الوطني. لو عدنا للخلف لتذكرنا أحد رؤساء الأندية الذي كان يحمل حقيبة مملوءة بالنقود من فئة الخمسمائة ريال متنقلا من منطقة إلى منطقة، ومن مدينة إلى أخرى، ومن ناد إلى ناد، ومن سمسار إلى سمسار، لجمع أكبر عدد من نجوم الأندية في ناد واحد. تلك اللحظة « السوداء « هي المنعطف الخطير الذي عصف بالكرة السعودية، والتي لازالت تداعياته مستمرة حتى يومنا هذا، لقد خسرنا عددا كبيرا من النجوم جراء تكديسهم على دكة الاحتياط، ناهيك عن اضطرار الأندية الأخرى لمجاراة الوضع الجديد الذي جعل المليون كالعصفور يطير من غصن إلى غصن دون مردود. لقد تعمدت عدم تسمية الرئيس ولا ناديه، لأنني لا أكتب مستهدفاً أحداً بعينه، بل منتقداً ذلك الأسلوب الذي أضر كثيرا بالكرة السعودية. لقد قفزت أسعار عقود اللاعبين حتى وصلت لأرقام فلكية لا يمكن تصورها، وأصبح تمثيل النادي بالنسبة للاعب أهم ألف مرة من تمثيل المنتخب. بل إن بعض اللاعبين باتوا يتهربون من المشاركة مع المنتخبات السعودية، وإن شاركوا فهم لا يقدمون المستويات ولا المجهودات التي كان يقدمها نجوم العصر الذهبي. وجراء ذلك، خسرنا نجوما صغارا تفاجأوا كما تفاجأ أولياء أمورهم بالملايين وهي تدخل حساباتهم فلم يعد لهم طموح يتمنون الوصول إليه ولا أهدافا يريدون تحقيقها. قد يقول بعضهم انه الاحتراف، وقد يكون في ذلك القول جزء من الصحة، إلا إنه يصبح بلا معنى ولا قيمة في ظل ثقافة متواضعة ومفهوم مغلوط لشرف تمثيل المنتخبات الوطنية. في العصر الذهبي كلنا يعرف أن النجوم الكبار يحصلون على هدايا ومكافآت كبيرة جدا من رجال أعمال ومن معجبين بهم، ومع ذلك لم تؤثر تلك المكافآت على ما يقدمونه من عطاء مع منتخبات الوطن!! إنها الثقافة فحسب. حمد الدوسري عملة نادرة من منا لا يتذكر نجم القادسية وثعلبها حمد الدوسري !! هذا النجم كان يمكن أن يكون من أفضل المدربين السعوديين لو خدم نفسه وطور مهنيته في التدريب. الدوسري يعتبر من أهم المدربين القادرين على كشف المواهب الكروية في سن مبكرة حيث يعود الفضل له بعد الله في بروز عدد كبير من نجوم القادسية الذين انتقلوا لأندية أخرى وبمبالغ كبيرة جدا. اليوم يتولى تدريب ناديه وقد وضحت لمساته على الفريق أمام النصر الأسبوع الماضي، وأعتقد أن إدارة القادسية تأخرت كثيرا في منحه الفرصة لقيادة الفريق، وبغض النظر عن النتائج التي قد يحققها إلا أن الإدارة القدساوية مطالبة بمنحه الفرصة كاملة والصبر على ما يقدمه من مستويات وما يحققه من نتائج. التحكيم والفرق الصغيرة جميعنا مقتنعون بأن ما من فريق إلا تضرر أو استفاد من الأخطاء التحكيمية، إلا أن ما تعرضت له الأندية الصغيرة التي ليس لها إعلام يدافع عن حقوقها، أو قاعدة جماهيرية يحسب لها حساب، أمر معيب ومخيب للآمال ولكم تحياتي