* أرجو التفصيل في مسألة قراءة الفاتحة إذا جهر الإمام؟ - ثبت في (الصحيح) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» [البخاري: 756]، وأوجبها بعضهم على كل مصلٍّ حتى المسبوق لا بد أن يقرأها، وهذا رأي أبي هريرة -رضي الله عنه- وإليه ميل الإمام البخاري والشوكاني وجمع من أهل العلم، لكن القول الوسط وهو المرجح أنها واجبة على كل مصلٍّ عدا المسبوق، وخرج المسبوق من عموم حديث عبادة بحديث أبي بكرة -رضي الله عنه- حينما أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- راكعًا فركع وهو دون الصف، ثم لحق بهم ولم يقرأ الفاتحة، وصحح النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاته ولم يأمره بالإعادة [البخاري: 783]، فدل على أن المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة ومن عداه من المصلين من إمام ومأموم ومنفرد كلهم تلزمهم قراءة الفاتحة إذا لم يكن مأمومًا مسبوقًا. ومن أهل العلم من يرى أنها لا تلزم المأموم وأن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، لكن الخبر في هذا لا ينهض على معارضة حديث عبادة بن الصامت. وإذا جهر الإمام فلا شك أن المأموم مأمور بالإنصات في عموم قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [الأعراف: 204] كغيره، لكن هذا العموم معارض بحديث عبادة: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، فإن أمكن التوفيق بين الآية والحديث بأن قرأ بفاتحة الكتاب في سكتات الإمام كان هو الأولى والأصح؛ ليعمل بالنصين (الآية والحديث) معًا، فإن لم يمكن وكان الإمام لا يسكت ولا يُمَكِّن القارئ فإنه يقرأ ولو قرأ إمامه، لكن لا يزيد على الفاتحة. وإذا كانت سكتة الإمام لدعاء الاستفتاح طويلة وقرأ المأموم الفاتحة في هذه السكتة فلا يوجد ما يمنع أن يقرأها قبل قراءة الإمام للفاتحة؛ لأنها ركن القيام، وقد تحقق قراءتها في القيام، فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-، ولكن الإمام ليس له أن يطيل في دعاء الاستفتاح إطالة يُتمكن معها من الاستفتاح ومن قراءة الفاتحة أيضًا؛ لأن هذا خلاف السنة. والمراد بسكتات الإمام: المواطن التي يسكت فيها الإمام، ومعروف أن الإمام إذا كبر سكت وفي هذا يقرأ دعاء الاستفتاح، وقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي...» [مسلم: 598] إلى آخره، ويسكت أيضًا ليَرُدَّ النفس بعد قراءة الفاتحة قبل أن يشرع في قراءة السورة التي تليها، وإن لم يأت في هذه السكتة نص لكنها من باب استرجاع النفس في القراءة الأولى، ثم يسكت بعد نهاية القراءة وقبل الركوع، فلا يصل الركوع بالقراءة، هذا هو الوارد. يجيب عنها : معالي الشيخ الدكتور / عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء