أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن المملكة تلعب دوراً مهماً في العالم لإعادة مكانة الدول العربية إلى مواقعها الحقيقية والتي دائماً ما تكون بمقدمة الدول، حيث إن المملكة بالتحالف العربي الإسلامي الذي دعت إليه تثبت أن الإسلام بريء من أفعال داعش وأمثالها، كما ذكر الرئيس السبسي في لقاء مع عدد من الصحفيين في مقر إقامته في الرياض أمس أن تونس ترحب بالاستثمارات الخليجية وأنها تتمنى أن توجد المناخ المناسب لتضمن العائد الجيد من خلال الاستثمارات، مؤكداً أن تونس تمكنت من إنقاذ الثورة التي تعتبر هي أول دولة بدأت فيها أحداث الربيع العربي، وذلك بأخذ الجيد منها وتحقيق أهدافها ومنها من الانجراف إلى مزيد من سيل الدماء، كما اعتبر السبسي أن ظهور مزيد من الأحزاب السياسية في تونس إيجابي لأن الشعب التونسي أصبح الآن يعي شعارات الأحزاب ولديه القنوات التي يطالب بتنفيذ تلك الشعارات من خلالها. وفي بداية اللقاء ذكر الرئيس التونسي أن سياسة تونس ضد الإقصاء، والدليل الترحيب بالحزب الجديد الذي أسسة محمد المنصف المرزوقي وعودته إلى الساحة السياسية، مؤكداً أن كل شخص لديه ما يقدمه لتونس فأهلاً وسهلاً به وأنا كنت من الأشخاص الذين تم إقصاؤهم والآن أنا في مقدمة العمل السياسي في تونس وأنا الرئيس، ولا يمكن أن أقوم بالإقصاء. وأضاف السبسي: «أما الثورة التي بدأت في الدول العربية فأنا لم أشارك فيها حيث غبت عن المشهد السياسي 21 عاماً، ولكن رجعت بعد الثورة وكان دوري هو المحافظة على الثورة من الانزلاق، والدليل الثورات التي انزلقت إلى سيل من الدماء والقتل والشنق، وهذا ما لم نره في ثورة تونس، وقد أخذنا منها الخير وأبعدنا عنها الشر، وثورتنا قد قامت لأسباب اجتماعية لأن لدينا مدناً غنية ومدناً فقيرة وبطالة كبيرة في طبقة الشباب المتعلم وحاصل على شهادات عليا، وبالتأكيد أن تلك الظروف (الفقر والبطالة) هي التي أسهمت في إيجاد الثورة وهي نفسها التي تغذي داعش وغيرها من الحركات الإرهابية وتعطيهم الحضور القوي، ولكننا نؤكد أننا واعون لتلك العوامل وسنقاومها ونواجهها. مؤكداً في الوقت ذاته أن الثورة فيها الصالح والطالح وقد تنزلق إلى الطالح ودورنا أن نأخذ الثورة بروحها الحقيقية بالقضاء على البطالة والفقر والتهميش وتونس تسير بهذا الاتجاه. وحول إعلان التحالف العربي الإسلامي لمواجهة الإرهاب فقد أكد السبسي أنها مبادرة سياسية موفقة لأنها تنزع البساط من المشككين والذين يتهموننا بأننا نحن من يدعم ويشجع العمليات الإرهابية، وتجعلنا نتعهد أيضاً بمحاربة تلك الحركات التطرفية والقيام بدورنا مهما كان وكيف كان بكل أنواع الإرهاب. مؤكداً أن تونس لا يمكن أن تكون غائبة عن ذلك والذي أخرها عن القيام بواجباتنا هو العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس سواءً في بعدنا الثقافي أو السياسي والاقتصادي أو حتى البعد السياحي، ونحن سنمضي قدماً لمقاومة مثل تلك الحركات الإرهابية. وأضاف السبسي أن محاربة الإرهاب بالجيوش لا يكفي ويجب أن تتم محاربته من خلال الثقافة وبالتعاون الاقتصادي والاستثمار المتبادل بين الدول وخلق الوحدة من خلاله. وفيما يتعلق بأن تونس كانت شرارة ثورات الربيع العربي، ذكر الرئيس التونسي أن حركات المشابهة لمثل الربيع العربي هو اختراع أوروبي وليس عربياً لذا يجب على الدول العربية أن تلتحق بالدول المتقدمة عنها والشيء المهم أننا في نسق تصاعدي ولابد أن لا يواجه هذا النسق أي تعثرات وأن نمشي بخطوات صحيحة وثابتة، ونحن بهذا المسار وبالتضامن بين الدول العربية نحقق أهدافنا. أما عن الاتفاقيات التي ذكرت الأوساط الإعلامية توقيعها مع إيران فقد نفى السبسي هذه الاتفاقيات وقال: ليست هذه الاتفاقية موجودة ولكن أتت لنا زيارة ونحن بتونس السياحة منكوبة وقد كانت تونس تعتبر السياحة مورداً رئيساً والآن بعد العمليات الإرهابية تضررت السياحة، لكن إيران رجعت للمشهد الدولي بفعل فاعل وهي الدول العظمى ولهذا لا يجب أن نتجاهل هذا، والخطر ليس في إيران وإنما فينا نحن لعدم تكاتفنا لذا يجب أن تكون مواقفنا إيجابية وإذا حققنا ذلك فلن يضرنا خطر إيران أو أي دولة أخرى، وأعتقد أن اليوم العالم العربي لا بد أن يعترف أن المملكة تقوم بدور أساسي، وأعتقد أن السعودية واضعة دوراً واضحاً وصريحاً للعرب على الإقليم الدولي ليجعلنا قادرين على الصمود في وجه الأزمات والتحديات، وأنا متفائل بالمستقبل. وبشأن التعاملات الاقتصادية ما بين دول الخليج وتونس فقد ذكر الرئيس التونسي أنه يجب خلق الأجواء المناسبة لذلك الاستثمار وإيجاد المناخ (السياسي والاقتصادي والاجتماعي) المناسب سينجح تلك الاستثمارات، والمهم الآن بالنسبة لنا هو عودة المناسب بكافة جوانبه بين المملكة وتونس إلى أوضاعه الطبيعية ونرى من خلاله آفاقاً واعدة، ونقدم كل التقدير للقيادات السعوديه تجاه الإيجابية في التعامل والتطلع إلى المستقبل بوعي وبنجاح، ونتمنى أن نواصل العمل في المستقبل إلى الأفضل. كما يوجد في تونس استثمارات عديدة سواءً سعودية أو كويتية وهي قديمة إضافة إلى دول الخليج كافة، والآن علاقاتنا رجعت وتونس عائدة لإعادة مكانتها في المنطقة من جديد وتعاوننا مع دول الخليج نعتبره في المقدمة. أما عن نشاطات الجامعة العربية فقد أكد الرئيس السبسي أنه تحت قبة تلك الجامعة الكثير من الخلافات والتناحرات ويجب أن نتجاوزها وأن تكون اجتماعاتنا للبناء ورسم خطوط المستقبل. وحول بروز تكتلات سياسية جديدة وجود مخاوف من التأثير على الحياة السياسية في تونس فقد أكد الرئيس التونسي أنه متفائل بظهور الأحزاب الأخرى ويتمنى أن يرى نتائج لتلك الأحزاب، فالشعب التونسي أغلبه الآن يعي ما يحدث حوله لذا فلن تتمكن الأحزاب من خداعه بالشعارات بل الأحزاب مطالبة بتنفيذ ما تحمله من عهود لصالح الشعوب، مذكراً بأن تونس لديها 140 حزباً ولم يشارك في الانتخابات الماضية سوى 50 حزباً فقط. ولفت الزامل لوجود بعض المعوقات والقضايا التي تحد من اتساع مستويات التعاون والشراكة بين المملكة وتونس، متمثّلة في ارتفاع الضرائب على الشركات السعودية التي لديها استثمارات في تونس، وصعوبة تأشيرات دخول المستثمرين السعوديين لتونس، وارتفاع تكاليف تمويل المصارف التونسية للمشاريع الاستثمارية التونسية والمشتركة، وصعوبة الحصول على الإعفاء الجمركي لبعض المواد المتعلقة بالمشاريع الإنشائية، إلى غير ذلك من الصعوبات. وكان مجلس الأعمال السعودي - التونسي قد عقد أمس اجتماعاً موسعاً حضره عدد من رجال الأعمال السعوديين والتونسيين ناقش خلاله عدداً من قضايا التعاون الاقتصادي المشترك وخطة عمل المجلس للعام 2016م. وتم خلال الاجتماع التأكيد على أهمية الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين المملكة وتونس خلال الزيارة الحالية للرئيس التونسي، وما تؤكد عليه من اهتمام القيادة السياسية في كلا البلدين بدفع العلاقات المشتركة، وهو ما يفرض على القطاع الخاص السعودي والتونسي العمل الجاد ومضاعفة الجهود بتكثيف تبادل الزيارات واللقاءات وتفعيل مجلس الأعمال المشترك لمواكبة هذه التطلعات. واتفق الجانبان على أهمية تعزيز الجهود لمعالجة ضعف حجم الاستثمار بين البلدين وضرورة إيجاد آليات جديدة لمضاعفته مثل إنشاء شركة استثمارية مشتركة برأسمال كبير خصوصاً في ظل وجود فرص استثمارية كبيرة في كلا البلدين داعياً للاستفادة من الكوادر التونسية المدربة في المجالات الصحية والزراعية وغيرها. وجرى الاتفاق على تشكيل فريق عمل استثماري من الجانبين السعودي والتونسي لدراسة الفرص الاستثمارية المجدية وترويجها على المستثمرين، بالإضافة لإنشاء شركة أو صندوق استثماري مشترك برأسمال عالٍ يُدعم من حكومة البلدين ورجال الأعمال السعوديين والتونسيين مع مقترح لإنشاء شركة للنقل البحري.