سور الأزبكية في مصر موطن العلم والثقافة والمعرفة يتجلى في كشكات بنيت من الخشب صُفت بها مجموعة من الكتب القديمة والحديثة والمستعملة أُخذ منها ما أخذ من العلم والمعرفة وشيء من غلاف الكتب وبعض الوريقات المفقودة داخل تلك الكتب هي في الأصل مستعملة، وبالعلم جديدة ومتجددة. هنا تجد البائع يعمل جاهداً على ترميم بعض الكتب وإصلاح ما يمكن إصلاحه فيرى أن هذا الكتاب به من الحروف ما يزيد من علمه وثراءه للمعرفة ما يجعله مبتسماً حينما يُصلح الكتاب بعد ترميمه ويضعه في رف زملائه من القائمة التي تضم مئات الكتب، بل آلافا منها في مجمل العلم والقراءة، لا يأتيها إلا قاصدٌ و لا يخرج منها إلا محملٌ بالعلم والمعرفة والشيء الجديد، فإن لم يخرج حاملاً كتاباً فقد حمله في عقله وذاكرته، وأضاف ما أضاف حينما استوقفه أحد العناوين وقرأ ما تيسر له من خلاصة بعض الكتب أو قاطعه البائع ليس ليقنعه بالشراء بل ليمنحه معلومة جديدة في هذا الكتاب وإن كان يتبع من عناوينه فيسرد له بعضاً من خلاصة أفكار ما كتبه المؤلف في وقفة صغيرة ممتعة وحديث يتفرع منه حتى يصل معه لفروع أخرى من كتبٍ مشابهة يستمد منها شيئا من الشواهد ويستدل بها لمعلومات إضافية تضاف للمستمع والمنصت له الشيء الكثير .وفي سؤالي عن تاريخ سور الأزبكية رد علي العم ربيع أن للسور قصة عجيبة تحكى وتروى في كل جيل عن مجموعة من باعة الكتب القديمة، كانوا يعرضون كتبهم على مرتادي المقاهي وسط المدينة وحينما يحين وقت الظهيرة يذهبون ليتجمعوا في ميدان يسمى ميدان الأوبرا في العتبة، وذلك لقربه من الأوبرا القديمة، والشارع يفصل بينه وبين حديقة الأزبكية للاستراحة تحت ظل الأشجار، ومن هذا المكان يعرضون كتبهم في الشارع وعلى الرصيف أمام المارة، وكان ذلك عام 1907م تقريباً، ولم يكن الباعة في ذاك الوقت مرتاحين في مكانهم بل يواجهون الكثيرمن المشكلات، وذلك لتعرضهم لملاحقة الأمن والسبب هو قربهم من الأوبرا الملكية. ومع إصرارهم و تمسكهم بالمكان إلى فترة طويلة حتى قامت ثورة 1952م أمر جمال عبد الناصر بإنشاء أكشاك للمكتبات مرخصة لباعة الكتب، وهذه الفترة شهدت النقلة الحقيقية لسور الأزبكية. ويعد المكان زاداً لكبار الكتاب والمثقفين والمهتمين والباحثين والمستشرقين، والسور شاهد كبير على النهضة الثقافية والمعرفية حتى الآن، ويشكل السور شهرة عالمية كبيرة، وواجهة سياحية يقصدها الكثير. وللزار أن يرى مشاهد كثيرة من خلال زيارته لسور الأزبكية إذ يُعد معرضاً دائماً للكتاب في قلب القاهرة وقبلة للمثقفين والباحثين وكذلك للسائحين بمبالغ زهيدة قد تصل بعض الكتب إلى ريالين لكن قيمتها المعرفية كبيرة. ومن المشاهدات أنك ترى المكتبات جميعها بطراز خشبي موحد تستظل بها الكتب ولا تضل عنها الأعين ففي تلك المكتبات تجد كتبا تتجاوز ال 150 عاماً من الكتب التاريخية والعلمية والثقافية، وأخرى تُعد نادرة لا توجد في كبرى المكتبات. ومن خلال تأملك ومرورك على تلك المكتبات فيوم واحد لا يكفي و لا أظن أن يكفيك أسبوع؛ لكون السور يحتضن أكثر من 130 مكتبة تزهر بالعلم و المعرفة ما بين كتب جديدة و مستعملة ونادرة. ومن تلك المشاهد خصصت الهيئة المصرية العامة للكتاب مكان يحمل اسم سور الأزبكية في معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي يقام بشكل دوري في غرة كل عام. ولم يكن المعرض عائقاً للمثقفين والباحثين من العرب بل أن هؤلاء الباحثين والمثقفين يأتون بشكل مستمر إلى سور الأزبكية ليبتاعوا من الكتب القديمة والنادرة، وسور الأزبكية يشهد الكثير من الكنوز المعرفية والثقافية والعلمية بين تلك الطرقات الضيقة في سور الأزبكية.