اختتم مدير عام صندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد)، السيد سليمان جاسر الحربش، جولة عمل في الشرق الأوسط شملت عدداً من الدول الأعضاء والشريكة امتدت من قطر إلى الإمارات ثم السعودية ومصر. وتأتي هذه الجولة في إطار الجهود المبذولة لترسيخ المزيد من التعاون الاقليمي والنهوض بالتنمية المستدامة وتفعيل مبادرة أوفيد «الطاقة من أجل الفقراء» التي أطلقها المجلس الوزاري في إعلانه الصادر في يونيه/ حزيران 2012. وقد جاءت هذه المبادرة تعزيزاً لإعلان قمة أوبك الثالثة التي عقدت في الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، والتي أعقبها نداء المملكة العربية السعودية في يونيه/ حزيران 2008 خلال مؤتمر جدة للطاقة بضرورة توفير الطاقة للفقراء، ثم أكدتها مبادرة الاممالمتحدة «الطاقة المستدامة للجميع» في سبتمبر/ أيلول 2011. وتُوّجت جولة الشرق الاوسط بمنح أوفيد درعين تذكارية ووسام الفارس العربي للطاقة المستدامة تقديراً لدوره الرائد وإنجازاته الجليلة في تعزيز كافة المبادرات المعنية بتوفير خدمات الطاقة الحديثة اللازمة لتلبية الاحتياجات البشرية وتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وقد استهل السيد الحربش جولته للشرق الأوسط بالمشاركة في الدورة السادسة لاجتماعات المائدة المستديرة لوزراء الطاقة بدول آسيا التي أقيمت تحت مظلة منتدى الطاقة العالمي، واستضافتها العاصمة القطرية، الدوحة، لمناقشة عدد من القضايا الساخنة التي تواجه قطاع الطاقة تحت عنوان «دور قارة آسيا في مشهد الطاقة الجديد» في ظل التغيرات الجوهرية التي شهدتها أسواق الطاقة العالمية على مدى أكثر من عام. وتهدف هذه الاجتماعات إلى ترسيخ واستمرار الحوار بين جميع الشركاء من المنتجين والمستهلكين ومؤسسات التنمية لمراجعة التأثيرات والعواقب والآفاق في أسواق الطاقة وإيجاد حلول ومواقف مشتركة تصب في مسار التنمية المستدامة للجميع. وفي كلمته خلال الجلسة المعنية بالطاقة المتجددة ودورها المتوقع في مزيج الطاقة، والتي حضرها وزراء الطاقة وخبراء المنظمات الدولية ومراكز البحوث والجامعات المعنية بالطاقة، سلط السيد الحربش الضوء على الطاقة المتجددة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من رؤية أوفيد الشاملة لإمكانية حصول الجميع على الطاقة، مؤكداً على أهمية شراكة أوفيد ومنتدى الطاقة العالمي التي بدأت منذ عام 2011 بغرض دراسة أفضل الوسائل فعالية للتخفيف من حدة الفقر في مجال الطاقة من خلال مراجعة كافة المصادر التقليدية والمتجددة واستعراض الأدوار المختلفة لأصحاب المصلحة. ونوه السيد الحربش بدور أوفيد في إقناع شركات البترول بتبني جدول أعمال التنمية المستدامة للنمو الشامل خلال العقود المقبلة، وجدد دعوته لجميع شركات البترول والغاز للانضمام للجهود الدولية، مشدداً على أن المجتمع الدولي ليس بحاجة إلى إطلاق كلمات جوفاء للقضاء على فقر الطاقة بل العمل والتوجه الحقيقي للزيادة من وتيرة تنفيذ برنامج محدد وواضح لحصول الجميع على الطاقة. وأكد السيد الحربش على أهمية الانضمام إلى هذا البرنامج الذي تشمل أنشطتة طائفة واسعة من المجالات بما في ذلك كافة أنواع الطاقة المتجددة المتاحة فضلاً عن التوسع في استخدامات الغاز الطبيعي في مختلف المجالات. واستعرض السيد الحربش كافة أنشطة أوفيد ونماذج من مشروعاته التي شارك في تمويلها مؤخراً في مجال الطاقة النظيفة المتجددة في الأردن وباكستان واليمن إضافة إلى تعزيز مخطط مؤسسة شل التجريبي المعني بتركيب الفوانيس الشمسية لساكني المناطق النائية الخارجة عن نطاق شبكات الكهرباء الوطنية في عدد من البلدان النامية، مشيراً إلى أن أوفيد منذ إطلاق مبادرته «الطاقة من أجل الفقراء» في يونيه حزيران 2012 وحتى سبتمبر/ أيلول 2015 قد قدم نحو 1.5 بليون دولار أمريكي لتعزيز الجهود الرامية لتوفير خدمات الطاقة الحديثة من خلال مرافق عملياته المختلفة، حيث قام بتمويل مشروعات الطاقة الكبيرة والصغيرة، التقليدية والمتجددة في كل من آسيا وأفريقيا. وأشار السيد الحربش إلى أن تعهد مجلس أوفيد الوزاري بتقديم 1 بليون دولار أمريكي كحد أدنى لدعم مبادرة «الطاقة من أجل الفقراء» قد تطور بعد نجاح عمليات أوفيد وتزايد الطلب من البلدان الشريكة ليتحول إلى تعهد دوار بصفة متجدد. وفي أعقاب اجتماعات المائدة المستديرة لوزراء الطاقة بدول آسيا توجه السيد الحربش إلى دبيبالإمارات العربية المتحدة للمشاركة في ندوة حول النهج الترابطي لتحقيق أمن الطاقة والمياه والغذاء، التي نظمها المركز الدولي للزراعة الملحية بالتعاون مع أوفيد بهدف تعزيز الشراكة والعمل الجماعي من خلال تبادل الخبرات والمعرفة بين الشركاء لتحقيق رؤياهم وأهدافهم المشتركة. وركز السيد الحربش في كلمته التي ألقاها خلال الندوة على إبراز أهمية النهج المترابط في التنمية، والذي تحول مؤخراً إلى جدول أعمال التنمية العالمي، مؤكداً على أنه يمثل أحد أخطر التحديات التي تواجه الأهداف الانمائية المستدامة الطموحة لما بعد 2015. وأشاد السيد الحربش بهذا النهج الترابطي ووصفه بحجر الزاوية لخطة أوفيد الاستراتيجية للعقد المقبل، معلناً إحراز تقدم كبير نحو هذا الهدف حيث خصص أوفيد 68% من إجمالي تعهداته حتى الآن لدعم المشروعات المتعلقة بهذا النهج المترابط لتامين احتياجات الشعوب النامية. ونوه بأن أوفيد قد قدم حتى الآن ما يناهز 19 بليون دولار أمريكي لدعم 3504 مشروعاً في 134 بلداً نامياً في أربع قارات. وأبرز السيد الحربش دور أوفيد في وضع الطاقة على جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015 والدمج التدريجي للنهج المترابط في عملياته لضمان تحقيق أمن الطاقة ومياه الشرب الصالحة والغذاء في كافة بلدان أوفيد الشريكة. وانتقد السيد الحربش الحلول التقليدية لتطوير قطاع الطاقة بشكل منفصل عن أمن الغذاء والمياه حيث تعمل على تطوير مجال واحد على حساب المجالين الآخريين، مدللاً على ذلك بالتوسع غير المسؤول في انتاج الوقود الحيوي من الجيل الأول في النصف الثاني من العقد الماضي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في اسعار المواد الغذائية، خاصة في البلدان الفقيرة. وتطرق السيد الحربش إلى الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعة والذي يتطلب معالجة هذه القطاعات الثلاثة بنهج ترابطي شامل لأن ما يجري في قطاع بعينه عادة ما يكون له تأثيرات عميقة على القطاعين الآخرين، مستدلاً على ذلك باحتياج المياه لإنتاج الطاقة بكل أشكالها واحتياج الطاقة لمعالجة ونقل المياه فضلاً عن احتياج كل من المياه والطاقة في الزراعة. وعلق السيد الحربش أهمية بالغة على تبني النهج الترابطي للطاقة والغذاء والمياه كأحد الاستراتيجيات الرئيسة اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة في البلدان النامية، مؤكداً على جدوى تعاون أوفيد مع مؤسسة شراكة الطاقة المتجددة والاستخدام الأمثل للطاقة لتمويل مشروعات توفير خدمات الطاقة وتعزيز الامداد بالمياه والأمن الغذائي في نفس الوقت. واستعرض السيد الحربش بعض المشروعات التي مولها أوفيد مؤخراً في كينيا وتنزانيا وزامبيا، ومنها تركيب مضخات الري بالطاقة الشمسية واستخدام الغاز الحيوي المستخرج من مخلفات الحيوانات في توفير الطاقة اللازمة لأجهزة تبريد الألبان لدى صغار المزارعين. وقد التقى السيد الحربش خلال جولته بمعالي السيد حميد الطاير، وزير الشؤون المالية في الامارات لمناقشة عدد من القضايا الراهنة وعلى رأسها التحضيرات الجارية للاحتفال بالذكرى ال 40 لأوفيد العام المقبل، وإطلاعه على خطة المؤسسة الاستراتيجية الجديدة والتي تركز على النهج الترابطي في تمويل المشروعات الانمائية لتحقيق أمن الطاقة والمياه والغذاء بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الجديدة. وفي مهمته الرسمية للرياض، التقى السيد الحربش بالدكتور ناصر القحطاني، المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، للتحضير لاجتماعات فريق التنسيق المزمع عقدها في شهر يناير/كانون الثاني 2016 في مقر أوفيد، ودراسة سبل المزيد من التعاون بين الطرفين لتعزيز مشروعات النهج الترابطي اللازم لتحقيق التنمية المستدامة. كما تم مناقشة برامج الإقراض متناهي الصغر والتي سيتم عرضها في مؤتمر قمة المشروعات الصغيرة المقرر عقده في شهر مارس/آذار 2016 في أبوظبي. كما حل السيد الحربش خلال مهمته للرياض ضيفاً على معالي الشيخ عبد الله النعيم، رئيس مجلس أمناء المعهد العربي للتنمية الحضرية، ومحافظ مدينة الرياض سابقاً، الذي رحب به وأعرب عن امتنانه لدعم أوفيد لأنشطة المعهد، مقدماً إياه درعاً تذكارية خلال مأدبة غداء أقيمت على شرفه وحضرها العديد من السفراء ورجال الاعمال ومدراء البنوك تقديراً لجهوده وما يبذله من دعم مستمر للمركز. وأثني السيد الحربش على جهود المعهد في رفع مستوى المدن العربية، مشيراً إلى أهمية الهدف الحادي عشر للتنمية المستدامة المعني بتطوير المدن والمستوطنات البشرية على نحو شامل وآمن ومستدام. واجتمع السيد الحربش مع كل من معالي الدكتور حمد البازعي، نائب وزير المالية ومحافظ أوفيد السابق؛ والدكتور أحمد عبد الكريم الخليفي، وكيل محافظ مؤسسة النقد للأبحاث والشئون الدولية ومحافظ أوفيد الحالي لإطلاعهما على خطة المؤسسة الاستراتيجية الجديدة للعقد المقبل وبحث عدد من القضايا الهامة على صعيد التنمية المستدامة في البلاد العربية وعلى رأسها قضايا الطاقة والنهج الترابطي الشامل لتحقيق أمن الطاقة والمياه والغذاء. واختتم السيد الحربش جولته للشرق الأوسط بزيارة رسمية للقاهرة للمشاركة في افتتاح منتدى الصالون العربي للطاقة المستدامة، الذي يعقد سنوياً بهدف تشجيع الحوار والتعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المتعلقة بالطاقة المستدامة. كما شارك السيد الحربش في افتتاح قاعة اجتماعات حملت إسم أوفيد في المقر الرئيسي لمركز الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وحضر حفل تخريج الطلبة من البرنامج العربي للطاقة المستدامة للشباب برعاية أوفيد، والذي يستهدف تدريب وتعزيز القدرات التقنية والتشغيلية للمواهب الشابة في مجالات الطاقة وكفاءة استخدام الطاقة المتجددة في المنطقة العربية. وتوجت مراسم الافتتاح والحفل بتقليد السيد الحربش نيابة عن أوفيد وسام الفارس العربي للطاقة المستدامة تقديراً لإنجازاته الجليلة في هذا الصدد في العالم العربي. وقد شهد الحفل حشد من كبار مسؤولي الدولة وسفراء الدول العربية والأوروبية، ومن بينهم معالي وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمد شاكر؛ وسعادة السفير الألماني بالقاهرة، السيد يوليوس لوي؛ وسعادة الدكتور محمد التويجري، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاقتصادية لجامعة الدول العربية. وفي ختام زيارته للقاهرة، أجرى السيد الحربش محادثات هامة مع الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاول الدولي؛ والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ورئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للكهرباء؛ والدكتورة فايزة أبو النجا، المستشار الخاص للرئيس لشؤون الأمن القومي في القصر الرئاسي، تم خلالها استعراض ومراجعة مشروعات أوفيد قيد التنفيذ وبحث آفاق المزيد من التعاون المستقبلي بما يتماشى مع الخطط والأولويات الإنمائية المستجدة في مصر، مؤكداً على مواصلة أوفيد لتعزيز التعاون من أجل تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، والتي تمثل السبيل الوحيد للشراكة الحقيقية مع مصر. وقام السيد الحربش والوفد المرافق بعدد من الزيارات الميدانية لتفقد مشروعات أوفيد قيد التنفيذ ومتابعة سير العمل، والتقى السيد الحربش والوفد المرافق بمسؤولي الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي يموله أوفيد حيث أجريت مقابلات مع بعض المستفيدين، فضلاً عن زيارة مستشفى سرطان الأطفال المعروف على نطاق واسع بمستشفى 57357، الذي حصل على جائزة أوفيد السنوية للتنمية هذا العام، حيث قدم الدكتور عمرو عزت سلامة، رئيس مجلس الادارة، والدكتور شريف أبو النجا، المدير العام موجزاً لعمل المستشفى مستعرضاً خططها المستقبلية. وفي حفل استقبال أقيم خصيصاً لهذا الغرض، منح الدكتور سلامة درع مستشفى سرطان الأطفال التذكارية للسيد الحربش تقديراً لجهوده وخدماته للمركز.