شارك مدير عام صندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد)، سليمان جاسر الحربش، على رأس وفد عالي المستوى في المؤتمر الدولي الخامس للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة الذي عقد تحت عنوان مستقبل منظومة الطاقة والمياه والغذاء وتغيير المناخ والبيئة بالمنطقة العربية في قاعة نادي الجلاء خلال يومي 15 و16 من شهر مارس - آذار الجاري. وقد استهدف هذا المؤتمر في إطار محاوره الأربعة مناقشة كافة قضايا التنمية المتعلقة بالطاقة والمياه والغذاء وتغيير المناخ والبيئة من أجل إيجاد حلول حقيقية وفعالة للمشكلات التي تعوق مساعي العمليات الإنمائية في البلدان العربية، حيث تم استعراض وتناول العديد من الدراسات التحليلية والأبحاث العلمية بمشاركة مجموعة من الجامعات العريقة المصرية والعربية، ومراكز الأبحاث، ونقابات المخترعين، ومعاهد العلوم الصحية، ونخبة من أعضاء هيئة التدريس والعلماء والباحثين البارزين والوزراء في مجالات الطاقة والمياه والزراعة ومستشاري الصناعة من البلدان العربية لتبادل الخبرات في تلك الجمالات الإنمائية. وشارك في المؤتمر العديد من مؤسسات التنمية العربية والدولية، وعلى رأسها أوفيد كراع رئيس، لاستعراض إستراتيجياتها وأنشطتها المالية والفنية تجاه البلدان العربية وتعزيز سبل المزيد من الشراكة من أجل تنمية مستدامة عادلة بكافة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وقد استهل الحربش كلمته الافتتاحية للمؤتمر معبرًا عن سعادته بالالتقاء بلفيف من ممثلي الأوساط الأكاديمية وكبار المسؤولين للتباحث معًا حول واحدة من أهم قضايا المستقبل العربي، مشيدًا بهذا المؤتمر الذي يعكس الأهمية البالغة التي يوليها العلماء العرب لقضية التنمية المستدامة حيث «ينعقد في وقت ليس أكثر مناسبة منه، بينما يتأهب المجتمع الدولي بأجمعه للاتفاق على مجموعة «أهداف التنمية المستدامة». وفي هذا الإطار، سلط الحربش الضوء على الدور الذي يقوم به أوفيد في مجال التنمية بصورة عامة، وفي نطاق العالم العربي بصورة خاصة، مشيرًا إلى مجموع التزامات أوفيد الذي بلغ حتى الآن ما يقرب من 18 بليون دولار، موزعة على أكثر من 3200 عملية بين قروض ميسرة للقطاع العام والخاص، واعتمادات لتمويل التجارة، ومنح لا ترد في 134 دولة نامية في أربع قارات، مؤكدًا على أن أوفيد يولي كامل الاحترام للأولويات التنموية للدول الشريكة. وعلى الصعيد العربي، أوضح الحربش أن التزام أوفيد بالشراكة من أجل التنمية مع العالم العربي هو التزام حقيقي وقائم. ودلل على ذلك بأن هناك 13 دولة عربية تستفيد من مساعدات أوفيد، وهي تمثل 10 في المائة من مجموع الدول المستفيدة إلا أنها تلقت ما يزيد عن 21 في المائة من مجموع التزامات أوفيد. وأضاف أن مصر تصدرت لائحة أرصدة أوفيد حتى نهاية 2014، بينما تحتل ثلاث دول عربية أخرى ثلاثة من الأماكن الأربعة الأولى على هذه اللائحة. وسلط الحربش الضوء على إمكانات مصر الهائلة في تحقيق أهدافها الإنمائية من خلال تأمين نهج مترابط لمنظومة الطاقة والمياه والغذاء، مؤكدًا على مواصلة دعم أوفيد للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف. وتطرق الحربش إلى أهمية الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة الذي يعد أمرًا لا غنىً عنه في المعركة الإنسانية ضد الفقر، وأيضًا في الكفاح لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى جهود أوفيد السباقة في هذا المضمار، التي تبنت مبادرة خادم الحرمين الشريفين «الطاقة من أجل الفقراء». وعبر عن فخره بالمكانة والسمعة العالمية التي أصبح أوفيد يحظى بها في مجال محاربة فقر الطاقة، وأن توفير الطاقة للجميع أصبح الآن يقع في جوهر أهداف التنمية المستدامة التي دخل المجتمع الدولي في المراحل الأخيرة لصياغتها، مشيرًا إلى أن جهود محاربة فقر الطاقة يتحتم أن تكون محايدة، غير متحيزة إلى مصدر للطاقة بعينه على حساب المصادر الأخرى التي قد تكون أكثر كفاءة وأكثر يُسرًا. واختتم الحربش كلمته مؤكدًا على «أن التنمية المستدامة تعني تنمية متوازنة، وإنَّها ينبغي أن تستهدف فراغًا تنمويًا يقع بين «سقف» حماية البيئة وبين «أرضية» النمو الاقتصادي والاجتماعي لضمان فضاء أمن وأكثر مساواة لمستقبل البشرية». وأن أوفيد من هذا المنطلق يولي اهتمامًا متزايدًا للترابط بين الغذاء والمياه والطاقة، حيث برهنت الاستمارات في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة وفي القطاعات ذات العلاقة مثل قطاع النقل والمواصلات على أنها ضرورة لا غنى عنها لكي تتحقق أهداف التنمية المستدامة المرجوة، مشيرًا إلى أن إستراتيجيات أوفيد للعقد القادم، التي سوف يعتمدها المجلس الوزاري لأوفيد في شهر يوليو القادم، تتبنى الترابط بين الغذاء والمياه والطاقة ركيزة أساسية لها. وجدير بالذكر أن مدير عام أوفيد قد شارك قبيل هذا المؤتمر في فعاليات مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في شرم الشيخ ما بين 13 و15 مارس - آذار الجاري وشارك فيه ممثلي منظمات ودول ذات ثقل منها مجموعة الدول الصناعية السبع، ومجلس التعاون الخليجي، ودول البريكس صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم بهدف استقطاب الاستثمارات الخارجية في إطار العلاقات المتميزة التي تربط مصر بشركاء التنمية. وتعليقًا على هذا المؤتمر، قال الحربش إنه يمثل نقلة مادية كبيرة لمصر الجديدة وانطلاقة حقيقية للاقتصاد القومي المصري إلا أنه يتطلب لإنجاحه عددًا من العوامل التي من أهمها تعزيز الجانب الثقافي والاجتماعي وبث روح التغيير في كافة أطياف المجتمع المصري، مستشهدًا بالآية الكريمة «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنفسهم».