تعليقاً على مقال الأستاذ ناصر الصرامي (حرب عالمية مفتوحة على الإرهاب).. في كل مرة نناقش قضايا العنف والإرهاب يندر أن نشاهد من يشير إلى مكامن الخلل، بل يندر من يشير إلى ذلك الامتداد التربوي والبيئي الذي عمل على توفير المزاج والنفسية اللذين يسهل اقتيادهما بذات اللغة الدينية وأدواتها الوعظية التي استثمرت ذلك الفضاء ذا اللون الثقافي الواحد. في حين أنه لو كان هناك تعددية، ولو فقهية على الأقل، لكان على منظومة العنف والإرهاب أن تواجه مناخاً أصعب بكثير كي تعمل على جذب العناصر المؤيّدة التي - بلا شك - قد انخدعت بالأدوات واللغة التي استهدفتها والتي لامست نقاطاً وجدانية عميقة نفذت من خلالها دون أن تجد أمامها الموانع المفترضة إنسانياً وحضارياً وفكرياً، وكل ذلك بسبب الفراغ التربوي الكبير الذي أحدثته صيغة الخطاب الدعوي التي لم تستهدف تنمية الحس الإنساني الرفيع أو تفعيل الشعور بالمسؤولية الحضارية تجاه الأوطان أو طرح الأسئلة النهضوية الكبرى بقدر تركيزها على طقوس (التطهير) الفردي الذاتي وفق تصورات ضيقة ومحددة. أخيراً.. فإن الشخصية ذات المعرفة الأحادية والتفكير الأحادي ستكون بطبيعتها شخصية سهلة البرمجة والتوجيه، خصوصاً حين يتم استثمار خامة تلك العقلية بذات اللغة المشابهة والمألوفة التي تستثمر أيضاً في ذات النصوص الدينية المزروعة مسبقاً بطريقة عشوائية لم تصاحبها عملية تثقيف حقيقية تستهدف إيقاظ الإحساس الإنساني بالواقع الحضاري والمشترك الجمعي.