لا زال التحكيم المحلي يأخذ الحيّز الأكبر من حديث الوسط الرياضي ما بين مؤيد ومعارض, ولا زالت ردود الفعل الغاضبة والكبيرة تجاه الحكام السعوديين مستمرة, وبالرغم من أنه لم ينقض من الدوري السعودي إلا ست جولات فقط, إلا أن صوت المنتسبين للأندية وجماهيرها وبعض الإعلاميين والنقاد أصبح يرتفع . الجزيرة, استطلعت آراء عدد من المهتمين والمختصين في الشأن التحكيمي, فكانت البداية مع محمد القاسم رئيس نادي التعاون، والذي أكد بأن الحكام مازالوا يخطئون أخطاء مؤثرة في مباريات الدوري, مشيراً إلى أن كل الأندية تدعم الحكام, ولكن على الحكام أن يركزوا داخل الميدان فقط, وقال : في كثير من الأحيان نطلب حكاما أجانب ليس لأننا لا نثق في الحكم السعودي, بل نطلبه حتى نُهيئ اللاعبين نفسياً . وتابع : على المستوى الشخصي أتقبّل الخطأ حتى وإن كان مؤثراً من حكم شاب ومبتدئ, فربما في المستقبل وحينما ينضج ويمتلك الخبرة يكون له شأن, ولكنني في المقابل لا يمكن أن أتقبل الخطأ من حكم خبير ودولي. وشدد القاسم على أن مشكلة التحكيم تكمن في لجنته التي يجب على أن تمتص غضب جماهير الأندية, وقال: حينما يدير أي حكم مباراة لفريق التعاون ويخطئ خطأ مؤثراً، يجب أن تظهر اللجنة أو يظهر الحكم نفسه ويقول نعم أخطأت, أما قضية «كل شيء مخفي» حتى معاقبة الحكام لا تعلن, فهذا ليس صحيحاً. من جانبه أكد الحكم الدولي السابق عبد الرحمن الزيد، أن أداء الحكام خلال الست جولات الماضية غير مرضٍ , مشيراً إلى أن مستويات الحكام متفاوتة ما بين جولة وأخرى, وقال : بحكم الإعداد والمعسكرات السابقة, وبحكم المحاضرات التي ألقيت على الحكام, وبحكم الاستعانة بخبير دولي, وفي ظل ارتفاع المكافآت, كنا نتوقع بأن المستوى سيكون أفضل من السابق, ولكن ما شاهدناه لم يوح بتطور, وإن كنا نعذر الحكام في المباريات الكبيرة بحكم الضغوط, إلا أن هناك مباريات غير تنافسية ومع ذلك حصلت فيها أخطاء غير معقولة . وأوضح الزيد بأنّ الخلل غير معروف, ولكنه لا يتجاوز إحدى الأمور الثلاث , وقال : إما أنّ الحكام غير حريصين وغير مبالين بالأداء, أو أن التكاليف غير موفقة, ويبقى السبب الثالث وهو الخلل الداخلي والذي يعتبر خفياً , حيث نجهله ويعرفه الحكام ولكنهم لا يريدون التصريح عنه . وحول المشاكل الدائرة ما بين بعض الحكام وبعض المراقبين, قال : هذا يبين أن هنالك خللاً إما من المراقب أو الحكم , ولذلك يجب التحقيق ومعرفة المخطئ ليُحاسب, وعلى العموم, هذه من الأمور الغامضة التي لا نعرفها, والمشكلة أنه لا يوجد شفافية توضح كافة الأمور. من جهته أشار الحكم الدولي السابق خليل جلال إلى أن أداء الحكام خلال الجولات الماضية كان جيدا, ولكنه لم يرتق لنسبة أعلى, مستدركاً بأن الموسم في بدايته, ومن المفترض أن يكون التطوير جارياً في كل وقت, وقال:»مستوى التحكيم السعودي مواكب تماماً لمستوى الدوري والمباريات التي يديرها, وإن لم يكن هناك مشكلة واضحة وظاهرة، إلا أن سمعة التحكيم لا زالت نقطة ضعف في الدوري, وهذه السمعة هي من أثرت على مستوى التحكيم، رغم أننا شاهدنا هذا الموسم حكاماً شبابا يملكون مستويات جيدة, إلا أنهم يحتاجون إلى أن نصبر عليهم ونعطيهم الفرصة الكافية حتى يستمروا في السنوات القادمة . وأضاف : بغض النظر عما صدر من بيانات لبعض الأندية تجاه الحكام، إلا أن الأخطاء الموجودة تعتبر أخطاء بشرية ولا ترتقي للكوارثية كما وصفتها بعض الصحف, وهذا لا يعفيني من القول بأن هناك أخطاء مؤثرة ولكنها عادة ما توجد في كرة القدم . وعن رأيه في دائرة التحكيم وما يقوم به رئيسها الإنجليزي هاورد ويب, قال: «من الصعب الحكم على ويب خلال هذه الفترة, وكونه يعمل لوحده, فهذه مشكلة, هو رئيس دائرة, والدائرة لا بد أن تتكون من فنيين وخبراء لمساعدته في عمله, وهذا لم يحدث» . من جهته قال الزميل المتخصص والقريب من الشأن التحكيمي عبد الرحمن مشبب بأن مستوى الحكام المحليين في الموسم الحالي أقل من الجيد ، بسبب كثرة الأخطاء المؤثرة وليست الأخطاء التقديرية, موضحاً بأن أسباب مشاكل التحكيم كثيرة لعل أهمها المجاملات من اللجنة الرئيسية لعدد من الحكام، والإصرار على أن لهم مستقبلا جيدا في التحكيم رغم عدم وجود إمكانات تؤهلهم لتطوير مستوياتهم، بدليل إخفاق أغلبهم في الاختبار الحقيقي بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وهذا يضع أكثر من علامة استفهام على الاختبارات التي تجرى محلياً . وأضاف: «هناك حالة من الضبابية على اللائحة الداخلية لمعاقبة الحكام، فمنذ ثلاث سنوات واللجنة تصرّح عن قرب اعتماد اللائحة، والعقوبات غالباً ما تكون ارتجالية من رئيس اللجنة فقط . وشدد مشبب على أن ضعف الدورات التطويرية المستمرة للحكام يعد من مشاكل التحكيم، وبالرغم من جلب محاضرين دوليين، إلا أن وجودهم لا يستغرق يومين أو ثلاثة, وقال: « التركيز على حكام الدوري فقط وإهمال الأهم وهم حكام الناشئين والشباب وكأس الأمير فيصل، سواء بالدعم المادي أو التطويري وحتى المتابعة ، فحكام دوري الدرجة وما دون آخر اهتمامات اللجنة الرئيسية . وتابع مشبب في شرح مشاكل التحكيم, حيث قال : فشلت اللجنة في تطبيق قرار عدم ازدواجية العمل في التحكيم والارتباط في أي وسيلة إعلامية بنفس الوقت، ولعل اللجنة ترغب في كسب ود مثل هؤلاء الذي هم مستفيدون من التحكيم، فهناك من يعمل مقيماً للحكام وفي اليوم التالي ينتقد هؤلاء الحكام علناً عبر الوسيلة الإعلامية التي ينتمي لها، فكيف تريد من الحكم أن يثق في اللجنة وسط صمتها تجاه هذه الانتقادات المعلنة أمام الملأ من شخص منتمٍ للتحكيم». وعن علاقة رئيس لجنة الحكام مع رئيس دائرة الحكام, قال : مهما صدر من رئيس اللجنة عمر المهنا ومدير الدائرة هاورد ويب من ود ومحبة وتصريحات، إلا أنه يظل هاورد ويب سيعمل وفق ما يراه مناسباً لسياسته التي سيطبقها مع مرور الوقت . وعرج مشبب إلى مقيّمي الحكام , حيث قال : مقيمو الحكام دورهم توجيهي فقط بعد المباريات ، ولكن ما نراه من تعامل بعض المقيّمين مع الحكام بفوقية وأسلوب غير لائق، وفقاً لشكوى عدد من الحكام في الفترة الأخيرة، يدل على أمرين: إما أن لجنة الحكام تخشى الاصطدام مع هؤلاء المقيمين، أو أن المقيمين يعلمون أن اللجنة ضعيفة ولن تستطيع اتخاذ أي قرار، الأمر الذي يعود على الحكام بشكل سلبي حتى في أدائهم، في حال تكليف مثل هؤلاء المقيّمين لهم». وحمّل الزميل القريب من الشؤون التحكيمية اتحاد القدم جزءاً من مشكلة الحكام , حيث قال : أعتقد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم له دور كبير في تدهور مستوى التحكيم، من خلال لجنة التقييم التي قامت بتقييم لجان اتحاد الكرة الموسم الماضي، وأوصت باستمرار رئيس اللجنة عمر المهنا، فكيف يتم تغيير أعضاء في اللجنة بآخرين مع استمرار الرئيس, رغم أن القرارات جميعها كانت بيد رئيس اللجنة والأعضاء مهمشون .