حُكي عن جحا أنه اشترى حمارًا ذات يوم فمشى وابنه والحمار يسير أمامهما، وعندما مرّا على قوم جلوس أطلقوا ألسنتهم على جحا وابنه ووصفوهما بالخفة والحمق، كيف أنّهما يمشيان وقد تركا الحمار دون أن يركبا عليه وهو وسيلة نقل ممتازة متاحة لهما؟! قررا حينها أن يركبا عليه معًا، ثم مرّا بجماعة أخرى لم يترددوا في نعتهما بالظلم والقسوة فكيف يثقلان ظهر هذا الحيوان الوديع بركوبهما معًا عليه! وبعدها أشار الابنُ على والده أن يركب الحمار لوحده وسار الابن خلفه، وبينما هما يسيران وإذا بمجموعة من الشباب ينظرون إلى الأب نظرة احتقار وازدراء! كيف أنه يركب لوحده ويترك الابن يقاسي ويكابد المشي؟! واتهموه بالأنانية وحب الذات!! بعدها نزل جحا وأركب ابنه على الحمار، ولم يلبثا أن مرّا بجمع من كبار السن والذين طفقوا يصرخون في وجه الولد: يا عاق، يا جاحد، يا قليل الأدب، يا عديم الحياء، كيف يطاوعك قلبك وأنت شاب صحيح قويٌّ أن تركب وتترك والدك الكبير الذي هدَّته السنون ونالت منه الأيام يسير على قدميه؟ ثم بدا لجحا وابنه بعد ذلك أن يحملا الحمار على عاتقيهما! فجلدَهما الناس بسوط السخرية والتهكم، ثم اهتديا أخيراً إلى حل جذريٍّ تمثَّل في ذبح الحمار! ونحن إن رقصنا على كل عزف وبكينا مع كل آهة وضحكنا مع كل نكتة، سنكون كمن يسير في الحياة، وقد سار بعربة قد سمح لكل من يمر بها بأن يلقي عليه ما شاء نفايات!