غادرت دنيانا امرأة تحمل من النقاء أكثره، ومن العمل الخيري الفاضل أجمله وأحسنه، أنها سيدة الخير الفقيدة عائشة عبد العزيز الجطيلي رحمها الله، التي عاشت حياتها بكل الطموح والتطلع أن يكون المجتمع المحيط بحياتها مجتمعاً فاضلاً يحمل بين جوانحه الكثير من الخيرية والفضيلة، وكانت أجمل أمنياتها أن ترى هذا المجتمع قد تزود بكل معاني الفضيلة والنقاء وحب الخير، وهو المجتمع الذي يعيش اليوم الفضيلة بكل تفاصيلها والخيرية بكل دقائقها وروح العطاء بكل سخائه وتفاعله، وكانت أسمى أمالها أن يبقي مجتمعنا بكل نقائه وعفويته وحبه للخير على النحو الذي يؤمله الجميع، وأن تبقى صورته الزاهية والجميلة كما تعرفها هي عنه مثالاً حياً ونموذجاً رائعاً للخير والفضيلة، لقد ظلت الفقيدة عائشة الجطيلي رحمها الله محبوبة نقية في أوساط المجتمع، وعندما تناقل الناس خبر وفاتها سرى بين معارفها ومحبيها نماذج عطرة من سيرتها، فقد أوحى لي قريب لها أنها لم تتزوج إبان حياة والدها غفر الله له، حرصاً منها على القيام بواجب العناية به، وعندما توفي رحمه الله لم ترتبط بالزواج إلا لسبب خيري فاضل جداً، فقد تقدم لها رجل توفيت زوجته رحمها الله ولديه منها أطفال صغار، فقبلت الزواج حرصاً على رعاية هؤلاء الصغار وإعانة هذا الرجل على تربيتهم التربية الصالحة النقية، رحمك الله أيتها الفقيدة فقد كنت المرأة النقية، أما لحظات وفاتها فتقول عنها صديقة لها، إنها كانت في غيبوبة لا تعرف من حولها، وعندما قربت منها لقنتها الشهادتين فنطقت بهما سبحان الله العظيم في غيبوبة لا تشعر بأحد، وعند تلقين الشهادتين تنطق بهما كما لو كانت في وعيها (إنها والله أعلم) كرامة من كرامات الصالحين الأتقياء، لقد تأثرت بوفاتها كل تلميذاتها وزميلات العمل فراحت وسائل التواصل الاجتماعي تختزن كلمات الرثاء فيها حزناً ولوعة على فراقها، وأخذت المنتديات والمجالس تتناقل عبارات الرثاء وقصائد الثناء فيها، وقد عبر الجميع عن مشاعرهم بعد رحيلها، لقد صدق الشاعر الذي قال:- رحم الفقيدة جزاء ما قدمت لأمتها ومجتمعها وأسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، وألهم أهلها وذويها ومحبيها وعارفيها الصبر والسلوان و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.