في البلاد المتقدمة، هناك هيئة تخطيط متقدمة للوظائف الان ومستقبلا تعرف الاحتياجات الحالية للمؤسسات والوزارات الحكومية، وايضا للقطاع الخاص وحاجات السوق، وتعلن ضمن مؤشرات سنوية تؤكد حجم حاجة كل قطاع، ولهذا يستطيع شبابنا معرفة حاجة القطاعات لعشرين عاما قادمة، ويختار على ضوء ذلك تخصصه العلمي او دوراته التدريبية، إضافة الى أن الدولة تستطيع معرفة حاجة هذه المؤسسات الفعلية، وذلك لتسكين الوظائف، ومعالجة البطالة، وفي كل الحالات لابد من التخطيط لأنه اساس التقدم والتطور. وجاء قرار انشاء هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، والذي اثلج صدري كمواطن وكاقتصادي متخصص، فهذا القرار ينم عن اهتمام صناع القرار السياسي، والاقتصادي بالشباب السعودي، ولأنه قرار ايجابي جاء متوافقا مع طروحات سبق أن طالبنا بها في سنوات سابقة لتوظيف شباب وشابات الوطن، وتم اليوم انشاء الهيئة بحمد الله، ولا يخفى على احد أن الهيئة سوف تكون تحت مظلة مجلس الاقتصاد والتنمية برئاسة سمو الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - وهذا يعطيها الدعم الكافي والكبير لأداء واجباتها باقتدار ومهنية. فالتخطيط للموارد البشرية والمالية واحدة من اساسات النجاح الاقتصادي للوطن على مختلف المستويات، كما أن تنمية رأس المال البشري السعودي مهم جدا، ويضعنا امام مهمة يجب أن تكون من ضمن المهام الرئيسة لهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، ففي الدول المتقدمة تشرف هيئات كثيرة، ومؤسسات مجتمع مدني على توظيف مواطنيها، وعمل البرامج التأهيلية والمهنية لهم، لذا يفترض أن يكون لدى الهيئة رؤى وخطط استراتيجية مبنية على مؤشرات حاجة سوق العمل. ويجب إسناد أعمال هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة إلى فريق عمل سعودي متخصص وذو خبرة في السوق السعودي في كيفية توطين الوظائف، ودعمه بدماء جديدة متخصصة من ابناء هذاء الوطن، يستطيعون تقديم الشي الكثير للوطن والمواطن، وايضا ضرورة حصر بيانات الوظائف التي يشغلها الأجانب في جميع المؤسسات العامة، والخاصة وتوطينها ضمن خطة مرحلية، وإيجاد تقارير كافية عن نسب البطالة. والملاحظ ايضا أن البطالة تزيد عن 13%، ومن المنتظر أن تتفاعل الهيئة مع الجهات المعنية لدعم توظيف شباب، وشابات الوطن في الأعمال المهنية، وإيجاد فرص وظائف لهم، لا سيما أن هذا الملف أنيط في السابق بوزارة العمل ولم يعط أي اهتمام من الجهات الحكومية، لكن سوف يجد الاهتمام الكامل بعد انشاء هيئة توليد الوظائف، ويجب ان تتعاون وزارة العمل، وهيئة توليد الوظائف مع المعاهد والكليات والجامعات المهنية، والتقنية والعلمية لتدريب المواطنين الباحثين عن العمل مثل ما يحدث في بعض الدول الاخرى. ويفترض أن ينخرط شباب وشابات الوطن في التدريب المهني، وبعد تخرجهم في مهن عدة مثل المهن الفنية والتقنية والكهرباء والميكانيك والنجارة او اعمال البناء وغيرها من المهن والحرف الاخرى، عندها يذهب الشاب او الشابة بشهادتهم تلك الى بنوك الانماء الحكومية، والبنوك التجارية للحصول على قرض بشكل فردي او بشكل جماعي، ويكون المشروع تحت اشراف البنك ومؤسساته. ونحن نتطلع أن يكون هناك محاسبة ومراقبة ومتابعة مباشرة ومستمرة من هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، كما يجب على جميع الوزارات المعنية وجميع المؤسسات العامة والخاصة دعم الموارد البشرية بكوادر سعودية وطنية، وخلق بيئة عمل قائمة على العدالة المادية والمساواة في التوظيف، حيث تكون معايير التوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت والتدريب والمهمات الرسمية مبنية على أسس علمية. وعلى جميع مؤسساتنا العامة والخاصة تعزيز ودعم توظيف المواطن السعودي، ومنحه الفرصة في الوظائف المحلية، والنظر إلى السعودة على أنها قضية وطنية يجب المساهمة فيها استجابة لنداء الملك سلمان - حفظه الله - الذي طالب فيه الجميع بإيجاد فرص لجميع الباحثين عن العمل، لذا يجب الاستعداد لوضع الحلول، واستغلال الطاقات المتاحة بشكل أفضل، والسعي إلى مساندة، ودعم هيئة توليد الوظائف في ظل هذا الوطن المعطاء.