تعتبر البلدة التراثية في محافظة العلا من الوجهات السياحية والتراثية المميزة على مستوى المملكة، ويعود تاريخ البلدة لبدايات العصر الإسلامي وتعد إحدى ثلاث مدن إسلامية في العالم ما زالت باقية, بمساجدها ومنازلها وأسواقها وأسوارها. وقد تعاقب أهالي العلا على بناء هذه البلدة والسكن فيها جيلاً بعد جيل حتى هجرت تماماً من السكان قبل أربعين عاماً تقريباً. فيما تستند القرية المعروفة في المجتمع المحلي بالديرة في محافظة العلا، إلى جذور تاريخية تمتد إلى القرن السابع الهجري، كما تذكر كتب الرحالة العرب، التي تصفها بأنها إحدى أهم وأكبر المدن في الحجاز قديماً بعد مكةالمكرمة. وأصبحت البلدة مزاراً منظماً للسياح المحليين من المواطنين والمقيمين وزوار المملكة، ويوجد فيها مطل على القرية في القلعة، والصاعد لها يطل على تاريخ العلا وحاضرها، ويشاهد جبالها ونخيلها. كما يقع في طرف البلدة من جهة الجنوب الشرقي مسجد أثري قديم أسسه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في طريق غزوته لتبوك وخط مكانه وعلمه بالعظام، لذلك سمي بمسجد العظام، أو مسجد الصخرة، كما تمتد أسواق البلدة في الجهة الغربية، حيث تقع جميع الدكاكين والقهوة وبئر الماء، التي تم إنشاؤها في وقت متأخر. ومن أعلى جبل ملاصق للبلدة، تطل قلعة إسلامية تسمى قلعة أم ناصر، وهي قلعة يروى أنه دفن إلى جوارها القائد المسلم موسى بن نصير ويستطيع الزائر من أعلاها مشاهدة جميع أرجاء البلدة. كما تحيط بالبلدة من الشرق والجنوب والشمال حقول ومزارع النخيل والحمضيات والفواكه، حيث كانت الغالبية العظمى من سكان القرية تزاول أعمال الزراعة نظراً لما تتمتع به أرض العلا من وفرة كبيرة في العيون الجوفية العذبة. وتشهد البلدة حالياً مشروعاً للتطوير والتأهيل ضمن برنامج تنمية القرى والبلدات التراثية الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع البلديات والأمانات في عدد من مناطق المملكة، ومرت بعدة مراحل من التأهيل والترميم الجاد جعلت منها أحد أفضل القرى التراثية تميزاً بالمملكة وأعادت لها سحرها الكامن في جدرانها الطينية وطرقاتها الحجرية ونوافذها الخشبية وفوانيس الإضاءة التي تنير أزقتها الضيقة المليئة بشواهد التاريخ. وتم خلال المشروع التطويري للبلدة، المحافظة على العناصر العمرانية التراثية، وإيقاف التدهور المستمر لمبانيها عبر وضع قاعدة اقتصادية مناسبة لتوظيفها سياحياً، والمحافظة على المكونات التراثية في القرية التراثية، واستثمارها بشكل يضمن استمرارها. وشمل مشروع التأهيل الذي تم تنفيذ المرحلة الأولى منه، إعادة تأهيل قلعة موسى بن نصير وبعض الممرات، ويتكون هذا الجزء من المباني المطلة على الشارع الرئيسي وقلعة موسى بن نصير الواقعة أعلى جبل القلعة, بالإضافة إلى بعض المباني الواقعة على الممرات المستهدفة التي تؤدي إلى الجزء الغربي من القرية. كما أنشأت الهيئة مركز الزوار في مدخل القرية لخدمة الزوار والسياح، والذي يعكس الطراز المعماري في محافظة العلا.