تعيش المملكة العربية السعودية يومها الوطني الخامس والثمانين من عمرها المديد، بإذن الله، في ظل القيم والمبادئ الروحية والأسس والمثل الأخلاقية العليا التي أرسى دعائمها مؤسسها المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب لله ثراه- وجعلها أسلوبا دائما لحكمه، ونبراسا مضيئاً لمن يأتي من بعده ليحمل الأمانة، أمانة كلمة التوحيد الخالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله). لقد استطاع أحد أبرز صانعي التاريخ الحديث جلالة الملك عبدالعزيز، إعادة بناء الدولة السعودية التي بدأ ظهورها في القرن الثاني عشر للهجرة عندما اتفق الإمام محمد بن سعود مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله على السعي لتوحيد الجزيرة العربية تحت راية التوحيد والعمل على نشر الشريعة السمحة بعد تنقيتها من رواسب الضلال التي لحقت بها من سنوات التخلف والشتات، وقد نجح المؤسس رحمه الله في تثبيت أركان هذا الكيان وتعميق أسسه التي تضمن بقاءه واستمراره، وفي مقدمتها نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد ودعم استقرارها بعد أن ظلت سنوات مسرحا للفوضى والاقتتال والسلب والنهب، وكان تحقيق هذا الهدف الذي نجح فيه جلالة الملك عبدالعزيز ببراعة قل نظيره في مثل تلك الظروف التي كانت سائدة في الجزيرة العربية حتى أصبحت هذه الأراضي الشاسعة آمنة مطمئنة يمضي بها الناس حيث شاءوا مطمئنين على الروح والمال والعرض، بعد كفاح مرير قاده رحمه الله على مدى اثنين وثلاثين عاما لبناء هذا الكيان الحلم ،وإعادة توحيد أجزاء البلاد وانتشالها من الفرقة والضياع، ولم يكن الطريق على هذا الهدف النبيل سهلا بل كان وعرا محفوفا بالصعاب الجسام، لكنها قوة الإيمان وعزائم الرجال المخلصين وثقتهم في نصر الله فاندفعوا ينشرون مواكب النور في هذه البلاد جزءا تلو الآخر حتى أتموا إقامة هذا الكيان الشامخ مفخرة الأمتين العربية والإسلامية والنموذج الحي للوحدة على صعيد تاريخنا العربي والإسلامي الحديث. إن الاحتفال باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، هو احتفال لا يخص الشعب السعودي فقط، بل يخص جميع شعوب العالم العربي والإسلامي، لأن المملكة هي موطنهم الثاني ومحلهم عند الشدائد، والتاريخ خير شاهد على ذلك، واليوم الوطني مناسبة لاستذكار مآثر الملك المؤسس، الذي نهض بنية صادقة وهمة عالية وعزيمة قوية لتوحيد الجزيرة العربية، في ظل دولة اتخذت من كتاب الله وسنة رسوله وقيم دينه وموروث حضارته، منهجاً للحياة. إنه مناسبة غالية على قلب كل مواطن يعيش على أرض هذه البلاد الطاهرة يحق له أن يفخر ويعتز بالمنجزات التنموية العملاقة والنقلة الحضارية الشاملة في مختلف جوانب الحياة، والتي تحققت طوال مسيرة العطاء والبناء والنماء في العهود الزاهرة التي عاشتها المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز ، رحمه الله، وسار عليها من بعده أبناؤه الملوك البررة. إن مواقف المملكة التاريخية المشرفة وحرصها الدائم على ضمان استقرار جميع الدول العربية والإسلامية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، هي الأقوى، فالمملكة تمد أياديها دائماً بالخير والعمل على نشر السلام وإشاعة الأمن والطمأنينة،وكانت طوال تاريخها العون والسند لشعوب الأمتين العربية والإسلامية، في جميع المحن التي مرت بالمسلمين، فاستحقت لقب مملكة الإنسانية. أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وإلى الأسرة المالكة والشعب السعودي الكريم بمناسبة الذكرى الخامسة والثمانين لليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، ونسأل الله عز وجلً للمملكة دوام العزة والرفعة والاستقرار والنماء والرخاء.