الاتحاد الأوروبي يرحّب بالبيان المشترك الصادر عن أوكرانيا والولايات المتحدة عقب اجتماعهما بالمملكة    ضبط وإتلاف 850 كيلوغرام من الأغذية مجهولة المصدر في محافظة البيضاء بالدمام    المفتي العام ونائبه يتسلّما تقرير فرع الشرقيه للعام 2024    نجاح عملية تثبيت كسور العمود الفقري والحوض بتقنية الروبوت    تعليم البكيرية يحتفي بيوم العلم السعودي    البرلمان العربي يشيد باستضافة المملكة محادثات أمريكية-أوكرانية    16 حاضنة وأكثر من 234 بسطة وعربة طعام متنقلة بتبوك    رابطةُ العالم الإسلامي تُثمِّن لمجلس الوزراء شُكرَهُ لعلماء مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية"    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية..الجزائر    بعد تغلبهما على الريان وباختاكور.. الأهلي والهلال إلى ربع نهائي النخبة الآسيوية    أشادتا في بيان مشترك بمتانة الروابط وأهمية تنمية التبادل التجاري.. السعودية وأوكرانيا تستعرضان جهود تحقيق السلام الشامل    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. صراع مدريد يتجدد.. وأرسنال في مهمة سهلة    أساليب الوقاية ضد الجرائم الإلكترونية    التقى رؤساء أكاديميات القطاع.. الخريّف: الكفاءات الوطنية ركيزة الصناعة والتعدين    نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد    دلالات عظيمة ليوم العلم    «الداخلية» تزين «طريق مكة» بالجائزة المرموقة    هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟    1.6 مليون مقعد في قطار الحرمين لنقل المعتمرين    سوريا.. توقيف متورطين بانتهاكات "الساحل"    اليمن.. الحوثيون يتوسعون بفرض الإتاوات    السودان.. قائد الجيش يضع شروطاً صارمة للتفاوض    وزير الإعلام يُكرّم الفريق المنفذ لأول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت في العالم    رمز الشموخ والعزة    6 إستراتيجيات أمريكية ضد عصابات المخدرات في المكسيك    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    أمير القصيم يزور دار الرعاية الاجتماعية للمسنين في عنيزة    وكيل محافظة الطائف يشارك أبناء جمعية اليقظة الخيرية الإفطار الرمضاني    مؤسسة الأميرة العنود تنظم ندوة "الأمير محمد بن فهد – المآثر والإرث" برعاية و حضور الأمير تركي بن محمد بن فهد    إفطار جماعي ومد لجسور التواصل    في يوم العلم السعودي طرق وميادين الطائف تتوشّح باللون الأخضر    %338 نموا بمشتركي الصناديق الاستثمارية    الهلال يتخطى عقبة باختاكور في دوري أبطال آسيا للنخبة    جامعة أم القرى تنظم مأدبة إفطار رمضانية للطلاب الدوليين بالتزامن مع يوم العلم    شارع الأعشى والسير على خطى محفوظ    محرز يسجل ثنائية في فوز الأهلي على الريان    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    ثقة عالمية    بناء الجسور بين المذاهب من الحوار إلى التطبيق    العلم السعودي.. حكاية تاريخية ودلالة وطنية    السلمي والدباغ يزوران غرفة عمليات أجاويد ٣ بخميس مشيط    الفعاليات الرمضانية تشعل التنافس بين حواري بيش    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    2100 طالب في خدمة المحسن الصغير    مدير عام حرس الحدود يتفقد القطاعات والوحدات البرية والبحرية بمنطقة جازان    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    النواخذة لقلب الطاولة أمام دهوك    7 أهداف تدخل العميد دوامة العثرات    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    «صم بصحة» واحصل على جودة حياة    العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    قطاع ومستشفى سراة عبيدة يُفعّل حملة "صُم بصحة" وحملة "جود"    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    السعودية ترحب بدمج مؤسسات شمال شرق سوريا لتعزيز الاستقرار في البلاد    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية والقمامة ولبنان والعراق
نشر في الجزيرة يوم 13 - 09 - 2015

ما يجري في لبنان هذه الأيام من انتفاضة على الطبقة السياسية الفاسدة هي في مضامينها تُثبت ما كنت أقول وأكرر أن (الديمقراطية) كوسيلة معاصرة لتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لتسعى بالمجتمعات إلى التفوق والاستقرار والعدالة، مقولة صحيحة من حيث المبدأ؛ لكنها لا يمكن أن تحقق أهدافها في المجتمعات الطائفية التي تتكئ هوية أفرادها (أولاً) على الانتماء إلى الطائفة أو المذهب الديني، ليأتي الانتماء للوطن ثانياً وربما ثالثاً. فالديمقراطية ومعها كل آلياتها الانتخابية، تعتمد على قاعدة لا يمكن فصلها عنها، ولا يمكن تجاوزها، وهي مبدأ (الدين لله والوطن للجميع). فإذا غابت هذه القاعدة، أو غُيبت، سقطت الديمقراطية مخلِّفة فتناً واضطرابات وقلاقل لا تبقي ولا تذر.
أحداث لبنان الأخيرة، ومعها الاضطرابات العراقية أيضاً، مثالان معاصران على صحة ما أقول. فلبنان مرت على تجربته (الديموقراطية) نصف قرن، وها هي قضيته مع القمائم المضحكة المبكية تستعصي على عباقرة سياسييه المنتخبين، مُشيرة بصورة (كاريكاتيرية) إلى فشل (برلمانه) المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، في حل مشكلة تافهة مثل مشكلة جمع القمائم، فكيف - بالله عليكم - سيتعاملون مع الأخطار الكبرى المحدقة بهم؛ أما السبب فلأنّ هذا البرلمان مُقسم على أسس طائفية دينية، ولأنهم احتفظوا بهويتهم (الدينية الطائفية)، وأبوا أن يتنازلوا عنها، وحاولوا (تفصيل) ديمقراطية (مفبركة) على أسس طائفية، تعطلت الديمقراطية، ومعها أصيبت بالشلل كل قدرات الحكومة عن العمل، حتى أصبحت (الزبائل) معضلة مستعصية على الحل.
كنت أقول في مقال سابق إن من يضع الحصان قبل العربة، لابد أن يجر الحصان هذه العربة إلى الخلف. وهذا لبنان يثبت ما كنت أقول.. كذلك ما يجري الآن في العراق من فساد للطبقة السياسية، سببه أولاً وقبل أي سبب آخر، أنّ الإنسان الطائفي، المتخلّف، وغير الواعي، الذي لا يُشكل (الوطن) انتماءه الأول، بغضّ النظر عن مذهبه الديني، لا تصلح له الديمقراطية؛ فالعراق - مثلاً - في عهد صدام أفضل حالاً بألف مرة من وضع العراق في عهد ديمقراطية الطوائف. وأعترف هنا أنني كنت من أولئك الذين يعتقدون أن ليس ثمة حكم أحط ولا أسوأ من الحكم البعثي الصدامي، وكتبت عن ذلك مقالات عدة، أما الآن فأعترف أنني كنت خاطئاً، وذلك لأني لم أتنبّه إلى أنّ المجتمعات العربية مجتمعات طائفية، مازال الفرد فيها يعتبر انتماءه الطائفي الديني هو (هويته) الأولى، وهذا ضرب من ضروب انحطاط وعي الإنسان وتخلفه المدني، فمجتمعات كهذه تكون انتماءات أفرادها غير متماهية مع الديموقراطية، وبالتالي لا يمكن أن تعمل فيها الآليات الديمقراطية عملها، مهما حاول (التلفيقيون) أن يُكيفوها لتكون الديمقراطية آلية للعقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم.
وما أطرحه ليس مجرد رؤية قد تصيب أو تخيب، وإنما حقيقة أنتجتها ديمقراطية لبنان (الطائفية) بعد أن تم تجريبها طوال نصف قرن، وهو كذلك ما أنتجته الديمقراطية الطائفية في العراق بعد ما يزيد عن عقد. فتلكما الدولتان حاولتا أن تُكيفا الديمقراطية لتكون بمثابة (العقد الاجتماعي) الذي يحكم علاقة الحاكم بالمحكوم، في مجتمع بدائي، مشرذم طائفياً، وأمامكم الكم المهول من الفساد المالي والإداري والسياسي، الذي أفرزته هذه الديمقراطية في المجتمعات ذات الولاءات المذهبية أو الطائفية.
سيقول قائل : وما الحل؟؛ فطرحك هذا يعني أنّ (الاستبداد) وإقصاء الشعوب عن حكم نفسها بنفسها، طالما أنها غير واعية، وأفرادها طائفيون. نعم، هذا ما أقوله، وأمامكم تجربة صدام (المستبد) وكيف كان العراق حينها، وفي المقابل أمامكم تجربة «نوري المالكي» (الديمقراطي) وكيف هو والعراق معها. والسؤال : أيهما أفضل وأقوى وأكثر أمناً واستقراراً، العراق آنذاك أم العراق الآن؟
كل ما أقوله وأنادي به أن نقتنع أنّ الحلول (المستوردة) وإن كانت فاعلة ناجحة في بيئتها، ليس بالضرورة أن تنجح في بيئة أخرى غير مُهيأة لها؛ فنجاح الديمقراطية في الغرب وكذلك في الشرق سببه وسر نجاحه أن الفرد في تلك المجتمعات ليس إنساناً طائفياً، وإن كان بعضهم طائفيين فالقانون يمنعهم من فرض طائفيتهم على غيرهم بالقوة, ففي ممارسات أولئك الشعوب السياسية يتفقون على أنّ (الوطن يتسع لجميع مواطنيه) بمختلف توجهاتهم الدينية وكذلك المذهبية؛ وحينما تصل قناعات الإنسان العربي إلى هذا المستوى المرتفع من الوعي المتحضر، تصبح الديمقراطية مطلباً من مطالب إصلاح المجتمعات سياسياً، أما المجتمعات المتخلفة، الطائفية، الجاهلة، فلا حل لها إلا (الحكم الاستبدادي) وليس (الديمقراطي)؛ فأصلحوا الفرد وارتقوا بوعيه، وقبل ذلك عقله، (أولاً)، ثم طالبوا بالديمقراطية.
إلى اللقاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.