رحل عن دنيانا الفانية الوالد الشيخ علي بن محمد الجميعة، بعد رحلة عطاء وطنية استمرت أكثر من سبعة عقود، قضاها في خدمة وطنه ومجتمعه، وأهله في مختلف مواقع المسئولية. للشيخ الفقيد سجل حافل بأعمال الخير والعطاء، بل لا نبالغ إن قلنا: إنه سخر كل حياته، وماله، جاهه لخدمة المجتمع من خلال أعمال جليلة هنا وهناك. ولعل حائل أرضاً وإنساناً شاهداً على عطاء الشيخ علي الجميعة، فهي الأرض التي حبها وأحبته، زرع فيها الخير قبل زرع الشجر، فأثمرت له وفاء ومحبة. في كل زاوية من حائل شاهد على عطاء رائد العمل الخيري، جمعياتها، مدارسها، جامعاتها، نواديها، قراها، وكل شيء فيها. شخصياً كان لي شرف الاقتراب من الشيخ علي الجميعة، في كثير من أعماله، سواء العمل الاجتماعي أو الرياضي أو حتى في الشأن العام. كان في كل مرة نأتي له بأمر نفاجأ بحجم التفاعل والعطاء، بل إننا كثير من المرات نتلقى عتبة الشفيف عندما نتأخر في إبلاغه بحاجة شخص أو جهة للدعم المادي أو المعنوي.. في كل مرة أذهب للفقيد علي الجميعة كنت أعتقد أنني الوحيد الذي أذهب له بهكذا أمور بعضها يحاط بالسرية حفاظا على مشاعر المحتاجين، لكني في كل مرة أكتشف إن هناك كثيرين يتواصلون معه لأمور مشابهة، دون أن يشعرني انه يدعم نفس الأعمال.. في الشأن الاجتماعي مثلا, كان من أكبر داعمي الجمعيات الخيرية دون أن يعلن اسمه، ومع حرصه على العطاء المستدام، كان يوجه جزء من دعمه لأوقاف تستمر في الصرف على أنشطة الجمعيات.. في الشأن الرياضي، كانت نظرته تختلف عن نظرة كثيرين، فهو ينظر للدعم من زاوية دوره في الحفاظ على أوقات الشباب الذين يرتادون النادي، كان دائما يردد أن أبناءنا إن لم نلتصق بهم ونوفر لهم الأجواء الرياضية التنافسية المشجعة، فإن احتمالية انخراطهم في أمور قد تضرهم بشكل كبير..كما أنه طوال رئاسته لعضوية الناديين الشقيقين الطائي والجبلين، حريص على نزع فتيل التعصب، وتطوير التكامل بين أبناء المنطقة بما يعود عليهم بالتفوق والإنجاز.. رحم الله الشيخ علي بن محمد الجميعة، فمثله تعجز الكلمات عن رثائه، ويبقى العزاء بما زرعه عن أبنائه وأحفاده من عطاء وكرم، يبقى معين لا ينضب.. نعزي الوطن عموما، وحائل على وجه خاص، نعزي الفقراء والمحتاجين والجمعيات ودور العلم والتعلم والرياضة التي يدعمها. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}