كشفت ل«الجزيرة» مصادر مطلعة أن وزارة العمل تشرع حاليا في وضع الآليات المناسبة لتأهيل الشباب السعودي للعمل بشركات المقاولات وشركات الصيانة وفق التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. كما أكدت المصادر ذاتها تشكيل لجنة حكومية للتنسيق والإشراف على إستراتيجية التوظيف السعودية. وكان خبراء ومتخصصون وقياديون في كبريات الشركات العاملة في قطاع البناء والتشييد والمقاولات، وكذلك في المؤسسات المعنية بإدارة وتطوير قطاع التدريب والتأهيل المرتبط بقطاع المقاولات قد أجمعوا على أهمية بناء وتطوير العنصر البشري الوطني وزيادة الاستثمار فيه من أجل إعادة التوازن لمعادلة قطاع البناء والتشييد وتقليل الفجوة بين العمالة الوطنية والوافدة لمصلحة الوطن وللنهوض بهذه الصناعة، وتعزيز جهود إحلال العمالة المواطنة، ونقل وتوطين التقنية. وأشار المختصون في ورشة عمل استضافتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض في وقت سابق إلى أنه ورغم ما يشهده قطاع المقاولات حاليًا من خلل, حيث تسيطر العمالة الوافدة على القطاع، إلا أن التوجه العام للقطاع الخاص يدعم جهود تعديل المعادلة في هذا القطاع لصالح العمالة الوطنية المؤهلة. ولفت المختصون إلى أن العنصر البشري هو المبدع والمبتكر والمطور، وأن زيادة حصة أي شركة في السوق ومن ثم أرباحها لن يتأتى إلا من خلال زيادة الاستثمار في العنصر البشري، عبر إيجاد قوة عمل حقيقية مؤهلة تأهيلاً عاليا، مؤكدين أن التحديات التي تواجه برامج التدريب والتوطين بقطاع المقاولات، تكاد تنحصر في الارتفاع النسبي في تكلفة العمالة الوطنية مقارنة بالعمالة الوافدة، إضافة إلى استمرار تدفق العمالة الوافدة إلى سوق العمل مما يشكل ضغطًا كبيرًا على الوضع التنافسي للعمالة الوطنية سواءً بالنسبة لحصولها على وظائف جديدة أو لإحلالها، في ظل اهتمام بالجوانب الكمية في مجال التوظيف دون أن يصاحب ذلك اعتماد مؤشرات نوعية للوظائف مثل تحسين مستويات الأجور، وظروف العمل، والتدريب، إضافة إلى وجود وظائف لا يقبل عليها العاطلون نتيجة تدني رواتبها، أو طبيعة عملها، أو بسبب طول فترة العمل، مما يجعلها مواتية بصورة أكبر للعمالة الوافدة. واعترف المختصون بأن قطاع المقاولات في المملكة يعاني من نقص الأيدي العاملة الوطنية المدربة، بينما يوجد وفرة في العناصر الجامعية، مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع تكلفة التدريب، مستدركين بأنه في إطار المقارنة بين العمالة الوطنية والوافدة، فإن الوطنية تكون أقل تأهيلاً وأكثر تكلفة من الوافدة، كما أن الشركة تستطيع أن تنهي خدمات العمالة الوافدة في حال تعرضها لظروف تقتضي التخفيف من أعباء العمالة نتيجة تقلص المشروعات مثلاً، بينما يصعب عليها ذلك بالنسبة للعمالة الوطنية. بدورها تشكل إستراتيجية التوظيف السعودية إطارا مرجعيا لمعالجة قضايا سوق العمل وفق رؤية تتمثل في توفير فرص عمل كافية من حيث العدد، وملائمة من حيث الأجر، تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية، وتحقق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني. كما تسعى الإستراتيجية إلى تحقيق أهداف عامة ومرحلية، تشمل الأهداف العامة منها: التوظيف الكامل لقوة العمل عبر الحد من البطالة والمحافظة المستمرة على مستوى التوظيف الكامل للعمالة الوطنية، وتحقيق زيادة مستديمة في مساهمة الموارد البشرية الوطنية من خلال رفع معدل مشاركة العمالة الوطنية في قوة العمل، إلى جانب الارتقاء بإنتاجية العامل الوطني ليكون الخيار الأفضل لجهات التوظيف من حيث الكفاءة والقدرة والإنتاجية.