يستذكر المواطنون الكويتيون في هذه الأيام محنة الغزو العراقي الغاشم التي مرت بها الكويت عام 1990 بكل ما حملته من آلام وتضحيات تكللت بالتحرير وعودة الحق إلى أهله وكل الرجالات العظام الذين وقفوا مع الحق الكويتي من الأشقاء والأصدقاء. وبالطبع يتصدر خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز الذي يصادف غدا ذكرى رحيله العاشرة هؤلاء الأوفياء، حيث كان صاحب الموقف الصلب الرافض للغزو كما قام رحمه الله بدور بارز في دعم حرب التحرير وتأييد الحق الكويتي في استعادة الأرض ونيل الحرية. ولا يمكن أن تنسى الجهود البارزة التي بذلها رحمه الله في مراحل ما قبل الغزو وخلاله وما بعد التحرير وكانت مقولته الشهيرة (الكويت والسعودية بلد واحد.. نعيش سوية أو نموت سوية) خير دليل على مدى إيمانه بالكويت دولة شقيقة في الخليج العربي والمنطقة. وآنذاك حرص الملك الراحل على احتواء الأزمة الحادة التي افتعلها النظام العراقي تجاه دولة الكويت وقاد سلسلة من الاتصالات والمشاورات والتحركات الدبلوماسية لإيجاد مخرج سلمي يحفظ أمن المنطقة. ودعا رحمه الله إلى اجتماع بين الجانبين تستضيفه المملكة العربية السعودية فتم اللقاء بين ولي العهد الكويتي آنذاك الشيخ سعد العبدالله رحمه الله ورئيس وفد النظام العراقي عزت الدوري في 31 يوليو عام 1990 بمدينة جدة. وبذل الملك فهد خلال الاجتماع جهودا حثيثة لإنجاح اللقاء بهدف حل الأزمة لأن خطورة فشله ستكون كارثية وهو ما حصل حين أصر النظام العراقي على ادعاءاته ضد الكويت وبدأ غزوه الغاشم للأراضي الكويتية في الثاني من أغسطس 1990. وبعد وقوع محنة الغزو أعلن الملك فهد رحمه الله رفض بلاده للاحتلال العراقي وأبدى دعم المملكة لأي تحرك يهدف إلى تحرير الكويت وفي الخامس من أغسطس 1990 التقى الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بالملك فهد بن عبدالعزيز رحمهما الله في جدة وبحثا في أسلوب التحرك إزاء العدوان على الكويت. في موازاة ذلك أجرى الملك فهد طيب الله ثراه اتصالات واسعة مع مختلف الأطراف العربية والإسلامية أملا في إيجاد حل للقضية لكي ينأى بها عن أي تدخل أجنبي. لكن رفض النظام العراقي لكل الدعوات من جهة وتهديده للمملكة من جهة أخرى دفعت بالملك فهد إلى الإعلان عن انضمام السعودية طرفاً في قوات التحالف الهادفة لتحرير دولة الكويت من الاحتلال. واقترنت مشاركة السعودية في حرب تحرير الكويت بدعوات الملك الراحل المتكررة للنظام العراقي بضرورة الانسحاب الكامل من الأراضي الكويتية والاستجابة لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. وبالإضافة إلى الدور العسكري واللوجستي والسياسي للمملكة حرص العاهل الراحل فهد على أن تكون بلاده في خدمة المواطنين الكويتيين والاهتمام بهم وتقديم العون وكافة الخدمات لهم ولأبنائهم. واستقطبت المملكة خلال تلك الفترة الشرعية الكويتية ممثلة بالقيادة الكويتية ومختلف الكتل السياسية والاجتماعية واتخذت الحكومة الكويتية من الطائف مقرا مؤقتا لها وكانت كل تلك الجهود السعودية تأكيدا كبيرا على ان الكويت دولة موجودة رغم كل محاولات قوات الغزو خلاف ذلك. ولدى الإعلان عن انتهاء حرب التحرير وعودة الحق الكويتي إلى أهله في فبراير 1991 كان الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله أول المهنئين لدولة الكويت قيادة وحكومة وشعبا. وحظي الملك الراحل بمكانة رفيعة لدى أهل الكويت لموقفه ودوره خلال محنة الغزو العراقي الغاشم حين جعل من المملكة سكنا لكل العائلات الكويتية ورعايتها رعاية شاملة. ولا يزال أهل الكويت يستذكرون كلماته الشهيرة تجاه الكويت ومنها (الكويت في قلبي وفي قلوب جميع الشعب السعودي). والملك الراحل فهد بن عبدالعزيز رحمه الله هو خامس ملوك المملكة العربية السعودية وأولهم اتخاذا للقب خادم الحرمين الشريفين وتولى مقاليد الحكم في 13 يونيو 1982 بعد وفاة أخيه الملك خالد. وشهدت فترة حكمه الكثير من الأحداث فإضافة إلى معاصرته لفترة احتلال العراق لدولة الكويت في عام 1990 وحرب التحرير واجه الملك تحديات بارزة أخرى مثل تهديد العراق بغزو الأراضي السعودية واندلاع الحرب العراقية الإيرانية واجتياح إسرائيل للبنان. وسعى الملك الراحل إلى لم شمل العرب والمسلمين وكان أول من تقدم بمبادرة عربية للقضية الفلسطينية فضلا عن أنه المؤسس الحقيقي للمؤتمر الاسلامي والقمم الإسلامية وتوفي رحمه الله في الأول من أغسطس عام 2005.